تسعى نيوزيلندا لتنظيم مونديال للرغبي عام 2011 يخلد في ذاكرة الجميع، على حد تعبير الوزير موراي ماك كولي المكلف بحقيبة هذه البطولة، التي ستقام نسختها السابعة من 9 سبتمبر الى 23 اكتوبر 2011. مونديال هو بمثابة تحد استنفر قطاعات الدولة والمجتمع وفي مقدمهم رئيس الوزراء جون كي، لتجسيد شعار "نيوزيلندا ستاد الملايين الاربعة" نسبة لعدد سكان البلاد البالغ عددهم اربعة ملايين نسمة، سيتحولون الى اربعة ملايين مستضيف للحدث المنتظر. المطلوب هو النجاح فقط كما يؤكد الوزير ماك كولي، ويعني ذلك تنظيم "كأس عالم خارجة عن المألوف" احتراما بالدرجة الاولى لمن سيتكبد مشقات السفر وعناء الحضور من اماكن بعيدة لمتابعة المباريات ميدانيا. وستحتضن نيوزيلندا مونديال الرغبي في 13 مدينة، ما يجعل البطولة مناسبة للتعريف بمنتجات البلاد خصوصا الغذائية وثرواتها البحرية، وجمالها الطبيعي لاسيما ان اسم نيوزيلندا بات مألوفا في قطاعي التصميم العمراني والفن السابع (اقبال مخرجين عالميين على تصوير افلامهم في ربوعها). وفضلا عن ذلك، يعول النيوزيلنديون على ثقافة الرغبي المتجذرة في حياتهم اليومية، ما يجعل المونديال "اختبارا فريدا لا يمكن التمتع به الا في بلادنا" وفق ما يشدد عليه الوزير ماك كولي. تعيش نيوزيلندا التحدي منذ الآن، بعد النجاح الفرنسي في استضافة النسخة السادسة من البطولة عام 2007. ويلفت المدير التنفيذي في اللجنة المنظمة لاعب الكريكيت الدولي السابق مارتن سنيدن الى ان معايير النجاح "الموضوعة من قبلنا متعددة وركيزتها بالدرجة الاولى الاقبال الجماهيري، متخطية للمرة الاولى في تاريخ المسابقة اولوية العائد الاقتصادي"، باعتبار ان حصيلة المفاعيل الايجابية ستجنى لاحقا. عموما، لن يتمكن النيوزيلنديون الا من بيع 6ر1 مليون تذكرة في مقابل 24ر2 مليون باعها الفرنسيون لمباريات كأس العالم 2007، ويعولون في الترويج وشحذ الهمم على مواجهات سيخوضها منتخبهم "آول بلاكس" مع منتخبات متأهلة للبطولة، لخلق اجواء "ثأرية رياضيا" تحشد الجمهور، مع ادراكهم ان نقطة الضعف الاولى هي تعدادهم السكاني المتواضع. ويشار الى ان معدل الحضور في كأس العالم 2007 بلغ 93 في المئة من طاقة استيعاب المدرجات. استثمار وبيئة وفي سياق متصل، اخذت نيوزيلندا على عاتقها التزاما صارما بتنظيم بطولة تحترم البيئة، على رغم ان الخسائر المتوقعة مقدرة ب13 مليون يورو. لكن الى جانب الطابع الشعبي للعبة في نيوزيلندا، يدرك المنظمون ان المونديال مناسبة للاستثمار في المستقبل والانفتاح عالميا. والملاعب ال13 المعتمدة موزعة على مقاطعات البلاد ال13، وتتراوح سعتها بين 18 الف و60 الف متفرج، علما ان الاتحاد الدولي يفرض وجود 10 ملاعب مستوفية للشروط. لكن القطاعين الرسمي والخاص مصران على احتضان المناسبة في مختلف المقاطعات ترويجا للسياحة وتعريفا بالثقافة والمطبخ الغني والعادات والتقاليد. لذا ستكون المساحات الخضر والمروج الحالمة والشواطىء المترامية النظيفة مسرحا لاحتفالات وكرنفالات مصاحبة للمباريات ومواكبة لفعالياتها. وفي اوكلاند، اشترت الحكومة ارضا مساحتها 2 هكتار ب2ر17 مليون يورو كي تحولها ساحات وفسحات لتجمع الجمهور وانصار المنتخبات. وقبل نحو 27 شهرا من موعد الافتتاح، بلورت نيوزيلندا روزنامة البطولة ومواعيد مبارياتها سعيا لاجتذاب سياح اكثر يستطيعون حجز رحلاتهم وبرمجتها وحضورهم كل وفق موازنته. وستطرح تذاكر المباريات للبيع بدءا من الاول من يناير المقبل، ولن تختلف التسعيرة عما كانت عليه في مونديال فرنسا. كما ستبذل جهود من قبل المنظمين لضبط اسعار الفنادق، علما ان 72 في المئة من الفنادق مرتبطة بعقود مع اللجنة المنظمة، كما ستلحظ مرونة في نظام الحجوزات والحد الادنى لعدد الليالي المحجوزة. واستفاد المنظمون من الخطأ الذي وقع فيه نظراؤهم الاستراليون عام 2003 عندما حددوا بتسع ليال الحد الادنى للحجوزات في الفنادق. وسيستعين النيوزيلنديون ايضا في توفير الاقامة والمنامة للوافدين من الخارج او من محافظات داخلية، بسيارات تخييم ومنازل متنقلة، اذ وضعوا 1000 سيارة برسم الايجار، فضلاً عن بواخر ركاب سترسو في موانىء المدن المستضيفة. ورصدت نيوزيلندا 215 مليون يورو لاستثمارها في التنظيم، وتخضع 7 ملاعب للتأهيل في اوكلاند وكريست تشرش وانغاراي ونيوبلايموث ونابيير ونيلسون ودونيدين، حيث يشيد ملعب جديد بسقف متحرك. والورشتان الاكبر في اوكلاند وكريست تشرش، حيث ترفع طاقة استيعاب ايدن بارك "العريق" من 48 الف متفرج الى 60 الفا، ويتوقع ان تنتهي ورشة بناء ملعب يتسع ل45 الف متفرج في كريست تشرش يحمل اسم المدينة ليعتمد للمباريات الدولية بدلا من الملعب القديم لانكاستر بارك. وسيتضيف ملعب ايدن بارك مباريات الدورين نصف النهائي والنهائي، والاعمال في ارجائه متقدمة شهرين عن البرنامج المقرر، ومن دون تجاوز للموازنة المرصودة. و"المشكلة" العائق محصورة حتى الآن بورشة ستاد دونيدين المتوقع انجازه في اغسطس 2011 أي قبل شهر من افتتاح كأس العالم، لكن الخطة "ب" تقضي باستخدام ملعب كاريسبروك عند الحاجة. والمنتخبات المتأهلة حتى تاريخه، هي: نيوزيلندا، فرنسا، تونغا الارجنتين، انكلترا، اسكتلندا، استراليا، ايرلندا، ايطاليا، جنوب افريقيا (حاملة اللقب)، ويلز وفيجي. وتلتقي نيوزيلندا وتونغا افتتاحا في اوكلاند.