لا شك أن الحوادث المرورية أصبحت تمثل هاجسا كبيرا لكافة أفراد المجتمع ، لأنها تعد من أكبر المشكلات التي تستنزف الطاقات البشرية والموارد المالية في بلادنا.ورغم وضع الأنظمة والقوانين المرورية وتطبيقها بشكل حازم إلا أن معدلات الحوادث تكاد تكون بنفس النسب .. بما يتبعها من مشكلات أخرى صحية ونفسية ، أسرية واجتماعية واقتصادية . تكبد المجتمع خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات ! مما يقود إلى تساؤل هام عن الأسباب وطرق العلاج . فالطرق في المملكة تكاد تكون على أفضل المواصفات العالمية وغالبها مزدوج . كما أن تطبيق النظام قائم من قبل جهاز المرور بدليل تحصيلات ساهر الكبيرة وفق تقديرات البعض من خلال الفلاشات التي لا تتوقف ليلا ونهارا ، رغم أنها لم تحل المشكلة كما نأمل . ويبقى هناك عدة نقاط لا بد من الإشارة إليها ، وفي مقدمتها نقص التوعية . فمع شديد الأسف تظل بلادنا تمثل أعلى المعدلات في الحوادث المرورية ، والأرقام السنوية لضحايا تلك الحوادث تضاهي إن لم تفق ضحايا الحروب !! فالتوعية لا تتحقق من خلال الجزاءات أو تطبيق العقوبات على الإطلاق . ومن الشواهد أن من يرتكبون المخالفات يكادون يكررون ذات الأخطاء كل مرة . لدرجة أن بعض الشباب تراكمت عليهم عشرات الآلاف من الريالات وقد تزيد على ذلك لكثرة المخالفات ، وهنا يظل الخطر قائما يهدد أفراد المجتمع طالما لم تؤثر تلك العقوبة .فالقيمة ليست بالغرامة ولكنها بالتزام السلوك الصحيح . وتبقى التوعية المستمرة أمرا مطلوبا في كل الأوقات ، ومن الأهمية إدخال مادة التربية المرورية ضمن مناهج التعليم من المراحل المبكرة لعلها تساهم في تشكيل السلوكيات المطلوبة التي تحرص الدولة عليها .وقد يكون من المناسب استثمار بعض حصص النشاط المُضافة لهذا الغرض . ولأن مثلث الحوادث يتركب من السائق والمركبة والطريق فمن الضرورة كذلك أن تكون المركبات التي تدخل المملكة وفق مواصفات ومقاييس تتناسب مع السرعة المحددة عندنا ، ومع استثناء سيارات الأمن فإنه ليس من الداعي أن تصل سرعة المركبات إلى ما يقارب ثلاثمائة كيلو متر في الساعة طالما السرعة محددة بما لا يزيد عن مائة وعشرين كيلا . ومن المهم جدا أن تكون السيارات آمنة قدر الإمكان ، فما نشاهده في بعض الحوادث من انشطارها إلى أجزاء أوتحوّلها إلى ما يشبه عجينة الحديد ، الأمر الذي يساهم في زيادة عدد الضحايا ، مما يستدعي أن تكون المركبات هنا في مستوى مثيلاتها في الدول المصنعة .. التي لا تصل إلى هذا الحد عند وقوع الحوادث . والنظر سريعا إلى المواقع التي تتكرر فيها الحوادث لدراستها ومعالجة أخطائها -إن وجدت- وأن تزرع كاميرات ساهر حول تلك المواقع بالدرجة الأولى مع تذكير السائقين بوجود الكاميرات من خلال اللوحات التحذيرية الواضحة لأن الهدف هو حماية أرواح الناس أولا وأخيرا ، وحتى لا يزيد الاعتقاد بأن الهدف هو زيادة الإيرادات فقط من تلك المخالفات.