في ظل انفلات مروري أهدر أنفسا وممتلكات، وخلف إصابات وإعاقات.. كان لا بد من تبني آلية جديدة للضبط المروري.. فكان نظام الرصد الآلي للحركة المرورية (ساهر) هو النظام الذي تبنته الإدارة العامة للمرور ليتولى الضبط الآلي لمخالفات السائقين؛ وهو نظام مطبق في عدد محدود من الدول الأوروبية وغير مطبق في الولاياتالمتحدةالأمريكية. ورغم أن معظم السائقين اكتووا بعقوباته -وكاتب هذه السطور منهم- إلا أن هناك شعورا عاما لدى الأغلبية بأهمية (ساهر) في الحد من المخالفات المرورية وضبط حركة السير. ولكن هذا الشعور العام بأهمية ساهر اقترن بالمطالبة بمعالجة بعض القصور والسلبيات في تطبيق النظام. ولعل التصريح الذي أطلقه الناطق الإعلامي في مرور المنطقة الشرقية المقدم علي الزهراني الذي ذكر فيه بأن استخدام المنبه الخلفي للسيارة (الفلاشات) لتحذير السائقين القادمين من الخلف بوجود كاميرات أو سيارات ساهر، يعد مخالفة يعاقب عليها النظام بمخالفة مرورية من مخالفات الفئة الثالثة، كان مما أثار علامات استفهام عريضة. فرغم أن عمليات التنبيه التلقائية التي تتم بين السائقين من خلال الفلاشات أو الإنارة الأمامية للسيارات.. تعد في -تصوري- ظاهرة تستحق الدراسة.. فهي بين مشيد بوجود تعاون عام بين الجميع، وبين مستنكر لتعاون على تجاوز النظام.. إلا أنني هنا أطالب بإيقاف ساهر عن معاقبة استخدام الفلاشات للتنبيه، فهذا ليس دور ساهر والأمر لا يمكن أن يستحق مخالفة، ولا توجد مخالفة على الفلاشات في أي مكان في العالم!! والتنبيه يتم على الطرق الطويلة بتبادل الإشارات بين السائقين منذ القدم وفي جميع الدول. وفي صدد الحديث عن (ساهر) لا بد من الإشارة إلى الحاجة الماسة لقيام الإدارة العامة للمرور بتنفيذ حملة توعوية شاملة مبنية على أسس علمية لتوعية الناس بدور نظام ساهر وأهميته ونوعية المخالفات التي يتوجب التنبه لها، فلقد بدأت إدارات المرور تطبيق المرحلة الثانية المتضمنة مخالفات جديدة شملت الوقوف على خطوط المشاة والالتفاف إلى اليمين دون توقف.. فهل تمت توعية الناس بالقدر اللازم للتنبه لهذا التطبيق الجديد قبيل البدء في تنفيذه.. هل إعلان واحد في الصحف دون سائر وسائل الإعلام الأخرى يكفي لتوعية المجتمع بالمخالفات الجديدة التي بدأ نظام ساهر بتطبيقها.. إن التقارير تشير إلى أن عائدات ساهر السنوية بلغت نحو خمسة مليارات.. فلعل من الضرورة بمكان تخصيص جزء يسير من هذا المبلغ لصالح التوعية المرورية بشكلها الشامل بما في ذلك التنبيه لمخاطر الحوادث المرورية ونتائجها المدمرة.. ومن السلبيات التي ما زالت بحاجة إلى معالجة، أمر تحديد السرعة في الطرقات.. حيث من الواضح أن هناك حاجة لأساليب علمية مرورية متخصصة يتم بناء عليها تحديد السرعة في كل طريق وفقا لسعته وحجم الحركة المرورية فيه.. فعندما تحدد سرعة طريق بحد أقل بكثير من المفترض.. يصبح وكأن الهدف هو تصيد السائقين وإيقاعهم في فخ المخالفة. وأحيانا نجد في الشارع الواحد عدة سرعات مختلفة.. وذلك يفقد قائد المركبة التركيز في القيادة فذهنه وبصره مع لوحات تحديد السرعة خشية الوقوع في مخالب المخالفة!!. إجمالا.. أكرر القول بأهمية (ساهر) ولكن تجب معالجة السلبيات وضرورة إيقاف مخالفة (الفلشرات) فهي لا تتفق مع النظام ولا مع المنطق وتتجاوز الغرض الأساس من (ساهر).