صيانة العرض احد مقاصد الشريعة التي ضبطتها احكام شرعية ومما شرع الله حد القذف والتغرير الواجب فيه الا ليصون اعراض الخلق من ألسنة السوء، فالله عز وجل مهد لعقوبة القذف، وهي الأخطر في تعامل الخلق ببعضهم فقال عز وجل:؛ (ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب أليم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) فاشاعة قبيح الالفاظ وسيء الشتم والسب بين الناس يستحق العقوبة لما يسببه للمستهدف به من ألم، لهذا جعل للقذف حد، والقذف أن يتهم المسلم اخاه بالزنا او اللواط من ما هو من كبائر الذنوب، فجعل الله حداً فقال الله تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون) وما أشدها من عقوبة يتعرض لها القاذف، حد في ظهره، ثم لا تقبل له شهادة ما لم يتب وتحسن توبته، وهو من يسمى الفاسق، حيث انه ارتكب معصية كبيرة هي القذف، وقد يقذف انسان آخر بشيء قد يعظم من الزنا مثل اتهامه بالكفر مثلا، ولذلك عقوبة تعزيرية يقررها القاضي على القاذف لردعه ان يخوض في اعراض، وسيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:أتدرون ما الغيبة، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: افرأيت ان كان في اخي ما اقول قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) والمتأمل لهذا الحديث يعرف ان الغيبة في الاغلب لا تكون الا لعاصٍ، فقد منع الشرع الحنيف غيبته، لعله يستتر بذنبه، ويرجع عنه، اما الطائع لله فغيبته بهتان وهو اعظم عقوبة عند الله فقد عرفوا الغيبة بانها ان يذكر عيب غيره في غير محوج الى ذكر ذلك، وقالوا: ان الغيبة ان تذكر الانسان بسوء وان كان فيه، فعرضه مصون بنص الشرع اما البهتان فهو ذكر مساوئ الانسان وهي ليست فيه، وشتمه، ذكر المساوئ في مواجهة القول فيه، والافك ان اقول في الانسان ما بلغك عنه، فتنقله دون التثبت والتيقن في صدقه، وكل ذلك حرام معاقب عليه في الدنيا بالتعزير، وفي الآخرة أشد واعظم عافاني الله واياكم من ذلك، بل ان مجرد السخرية من الانسان محرم فالله عز وجل يقول: (يا أيها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيراً منهن لا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون)، بل ان الله عز وجل حرم كل باعث على تحقير المسلم او غيره، كما حرم الاستكبار والتكبر والتجبر فقد قال سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة كبر)، فلما قيل له، ان الرجل يجب ان يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق، وتمحط الناس، فقد حشد الاسلام كل ما يجعل تعامل الناس في ظل احكامه وقيمه راقياً، وسلوكهم ارقى، والناظر اليوم في حال كثير من الناس يراهم قد فرطوا في هذه القيم وانتشر بينهم كل ما نهى الله عنه، فها نحن نرى التنابز بالافقاب على اشده بينهم خاصة منهم من نظنهم يعلمون فهذه التصنيفات التي يخترعها بعضهم للبعض الآخر، وها نحن نقرأ الهجاء بينهم على أشده في اقل خلاف يقع، واذا حضرت مجالس الناس فغالبا لا تسمع الا غيبة ونميمة، حتى رأينا بعض من نظن انهم هم النخبة يتهاجون ويشتم بعضهم بعضا، وازداد الامر سوءا في سائر مجتمعاتنا العربية خلال هذه السنوات التي مرت بشعوبها ونشرت في بعض بلدانهم فوضى ألغت كل ما كانونا يؤمنون به من قيم، والاسلام دين الاخلاق فيه احكام شرعية ثابتة واجبة النفاذ فما كان منها واجباً أو مستحباً فلابد من الاثبات به وما كان محرماً، ومكروهاً فلابد من اجتنابه لذا قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم) فحسن الخلق عبادة وسوء الخلق معصية، ولتعود مجتمعاتنا الى قيم الامة المستقاة من دينها لابد لنا ان نواجه كل هذه المعاصي الخلقية ونحاربها حتى يجعل الله لنا نجاة مما نحن فيه، فهل نفعل هو ما ارجو والله ولي التوفيق. ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043 [email protected]