ترامب يثير الجدل: أوكرانيا قد لا تنجو من الحرب مع روسيا    ريال مدريد يفوز على فاليكانو ويتقاسم قمة الدوري الإسباني مع برشلونة    النجمة أمام العدالة.. وجدة يلاقي أبها.. والجبيل يواجه العين    التلاعب بالإجازات المرضية.. السجن و100000 ريال    أعمال «مرور الرياض» أمام محمد بن عبدالرحمن    هدم 632 منزلاً في طولكرم    سورية: اشتباكات عنيفة مع فلول النظام السابق ومجرمي الحرب بمحيط قرية تعنيتا    الدول المنتجة للنفط تخفّض الانبعاثات بتعزيز كفاءة التشغيل    نمو الناتج المحلي 1.3 % خلال عام 2024    المرأة السعودية.. من التمكين إلى الريادة    الإفطار الرمضاني بالعُلا تجربة تنبض بعبق التاريخ والتراث الأصيل    "الداخلية".. خطط متكاملة لتعزيز الأمن وإدارة الحشود    مكة في عهد عبد الملك بن مروان.. استعادة السيطرة وإعادة الإعمار    تحديد موقف ميتروفيتش من مواجهة باختاكور    أمير تبوك يطلع على التقرير السنوي لمديرية الدفاع المدني بالمنطقة    هيئة الصحفيين السعوديين بحاضرة الدمام تنظّم اللقاءً الرمضاني السنوي 1446    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد فيضة أثقب بحائل    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ترسخ مبادئ التمكين الثقافي للمرأة السعودية    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لجمعية الأمير محمد بن ناصر للإسكان التنموي    المنطقة الشرقية تسجل أعلى معدل هطول للأمطار في المملكة ب 2.5 ملم    تجمع القصيم الصحي يطلق حملة "صم بصحة" لتعزيز الوعي الصحي خلال شهر رمضان المبارك    الجامعات السعودية تتصدر قائمة أفضل 100 جامعة في العالم في ترتيب الأكاديمية الوطنية للمخترعين الأمريكية    المياه الوطنية تُنفذ خطوط الصرف الصحي في حي العارض بالرياض    يوم العلم السعودي.. اعتزاز بالهوية وترسيخ للقيم    أجواء روحانية ومزيج من العادات الرمضانية يعيشها المقيمون في المملكة    أمين منطقة القصيم يفتتح مقر حملة جود القصيم    الدفاع المدني يوضح أرقام الطوارئ أثناء الأمطار    %95 يؤيدون أن تتضمن لوحة المفاتيح رمز الريال    15 شهيدا ومصابا خلال 48 ساعة في غزة    الاتفاق يعبر العروبة بثنائية    وزير الخارجية ونظيره الإيراني يبحثان العلاقات والمستجدات    الموت يغيب أيقونة الطرب المغربي نعيمة سميح    أمريكا ترصد 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن متزلج كندي    حبست زوجها على شرفة المنزل.. فمات من البرد    الجامعات السعودية تتصدر قائمة أفضل 100 جامعة في العالم    1340 حالة ضبط ممنوعات في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    المرأة السعودية.. شريك أساسي في بناء المستقبل بفضل رؤية القيادة الرشيدة    النجم الأزرق .. المصيف .. القارة والعلمين تصعد لدوري الدرجة الثالثة    الهلال يحافظ على كنو    عثرات فبراير.. وكذبة أبريل    40 مبدعًا يمثلون المملكة في آيسف 2025    الصيام الإلكتروني    الوداد من الحلم إلى الواقع استقرار اليتيم داخل أسرة    الجامعة العربية تدين تصاعد العنف في الساحل السوري    2027 عام الحسم أم استمرار الجمود في مضيق تايوان؟    المرأة ومأزق المربع الأول    الدولة بين واجبات السياسة وفنون الإدارة 2/2    "حارة الأحمدي" تقيم أطول مائدة رمضانية في جازان من صنيع الأمهات    نائب أمير حائل يستقبل العياد    فلسفة الطير: حكمة العلوّ ورؤية ما لا يُرى    حين تربي طفلك فأنت تصنع مجتمعا    الذكاء الاصطناعي يقتحم المطبخ    تقنية متطورة لاستئصال أورام الدماغ    كفاءة الإنفاق بالتعليم تلغي اللجان المركزية    في يومها العالمي.. المرأة السعودية تتقدم وتشارك بفعالية في بناء الوطن    Pressreader: السعودية الخيار الجذاب للدبلوماسية العالمية    أمير منطقة جازان يشارك رجال الأمن في الميدان إفطارهم الرمضاني    رئيس محكمة استئناف جازان وقائد حرس الحدود بالمنطقة يزوران أسرة الخرد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجريمة الشنيعة
نشر في الشرق يوم 05 - 12 - 2012

«إن الذين يرمُون المُحصناتِ الغافلاتِ المُؤمنات لُعِنوا في الدُنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيم» (النور، 23)
القذف من كبائر الجرائم التي حاربها الإسلام حرباً لا هوادة فيها، لأنها تولد أخطاراً جسيمة في المجتمع، فكم من إنسان عفيف شريف لاقى حتفه وانعدم مستقبله بسبب كلمة قالها ظالم ثم تظهر براءته ولكن بعد فوات الأوان، لذلك حرص الإسلام على قطع ألسنة السوء وسد الباب على الذين يدّعون على الناس العيب، فمنع ضعاف النفوس من أن يجرحوا مشاعر الأبرياء أو يخوضوا في أعراضهم حين وضع ثلاث عقوبات: (بدنية وجعل فيها ثمانين جلدة، وأدبية تتعلق بالناحية النفسية من إهدار لكرامة القاذف وإسقاط لاعتباره، فلا يوثق بكلامه، ولا يُقبل منه قول عند الناس، ودينية كفاسق خارج عن طاعة الله، ولم تكفِ هذه العقوبات ذوي الأنفس المريضة).
والدولة عززت ذلك بتطبيق الشريعة في هذا الحق من حقوق الله، ولم تتهاون فيه بل تأخذ به بشدة، ولن تترك الفاسقين باتهام الناس والوقوع في أعراضهم أو السماح لهم بالخوض فيها، لأن ذلك سيجعل المجال فسيحاً لكل من شاء أن يقذف بريئة أو بريئاً من باب التعبير عن رأيه، لكي لا تصبح أعراض الوطن مجروحة وسمعتها ملوثة، لأن الأصل في ذلك إحسان المسلم الظن بأخيه وعدم اتهامه والافتراء عليه دون بينة، ولأن القذف بالباطل له انعكاسات ذاتُ عواقِبَ خطيرةٍ في مجتمعنا تجد الدولة تحرص فيه أشدَّ الحِرْص على صِيانته، فَيجب الرَّدْع فيه بِزاجِر يَتناسب مع تطوره، كي لا يَسْهُل على الناس هذا التقاذف الخطير في السِّباب والشَّتْم.
فلم يكن ذلك الشخص الذي نعت أخواتنا وبناتنا العاملات في مطعم هارديز بأبشع الألفاظ الأول، ولن يكون الأخير إذا ما تركته الدولة دون إجراء أكبر وأقسى بحق المعتدين على انتهاك سمعة الشرفاء في البلد، لأن ظاهرة السب والشتم ونعت النساء بألفاظ قبيحة ليست جديدة بل عادة تتزايد بشكل يثير القلق، حيث ظهرت هذه (الجريمة البشعة) بشكل متواصل ومزعج بعد أن شاركت فتاتان (16 و17 سنة) في أولمبياد لندن، فقط للسماح لفرق الذكور بالدخول في المسابقات بسبب الشروط، وبدلاً من أن تلاحق الجهات المسؤولة عن الرياضة كل شخص انتهك شرف الفتاتين بالألفاظ البذيئة أخلت كل جهة مسؤوليتها عن اشتراكهما وكأنهما سقطتا من السماء دون أن يُطلب منهما!
ونفس السيناريو تكرر بعد أن زار أحد الدبلوماسيين الأجانب كلية دار الحكمة في اجتماع تم ترتيبه بناءً على طلب من الديوان، لتنهال على الطالبات والأكاديميات القديرات الشريفات أفظع الألفاظ التي من الممكن أن نتصورها، فنُعتن وقُذفن وتم حتى الطعن في أهاليهن دون أن تُرفع قضية بتدخل مباشر من أي مسؤول في الديوان لمقاضاة هؤلاء الجناة، بل تُركت منسوبات دار الحكمة مثلما تُركت فتاتا الأولمبياد تتحملان ثمن جريمة لم ترتكباها وتتجرعان الألم بمفردهما لترفعا قضايا فردية لأخذ الحق الخاص.
ويتكرر القذف مرة أخرى بداية هذا الأسبوع حين خرج ذلك الشخص وهاجم عاملات المطعم بوضع افتراضية أن العاملة التي تسمح لنفسها بالعمل في مطعم تتعامل فيه مع الزبائن سيسهل عليها فيما بعد أن تتحول آخر الليل إلى شيء آخر، وأعوذ بالله من الكبائر المحرمة التي فيها اتهام لأعراض الناس، والسؤال: كيف يتجرأ ويتهاون أي فرد وهو يعلم جيداً عقوبة القذف والسب عند الله على شبكات الإنترنت؟!
تكررت تجاوزات هؤلاء الأشخاص الذين أصبح كل واحد فيهم يستتر داخل رداء التقوى وهي منه بريئة، معتقداً أن ذلك الرداء سيحصنه من العقوبة، لأن الواعظ الحقيقي الذي نعرف لا يقذف ولا يقدح ولا يسب ولا يشتم، ولا يستخدم ألفاظاً بذيئة ويكررها على شبكة الإنترنت بطريقة فاحشة تخرج عن حدود الآداب العامة التي في الأصل يعاقب عليها القانون في المملكة.
ومع ذلك تجد على شبكات التواصل الاجتماعي أشخاصاً يملكون قدرة عجيبة على إبراز أسوأ ما لديهم من أخلاق، فتجدهم يتفننون في صياغة ألفاظ السب والشتم والتجريح والاعتداء والقدح والذم في أعراض المسلمين ونعت كثيرين بألقاب مزعجة دون أن يطولهم أي عقاب إلى الآن، ولكن حين يعلم كل فرد يفكر في الإساءة اللفظية أو المكتوبة أن الدولة لن تُسقط حقها العام في الاقتصاص منه، لن يتجرأ على قذف الناس، ولا شك في أن قانون السجن والغرامة قانون جيد ولكن يحتاج إلى تغليظ بإضافة مثلاً إيقافه عن العمل عدة أشهر بعد خروجه من السجن، لتضخيم العقوبة، لأن أنواع الإساءة في ازدياد في ظل عدم ارتداع بعضهم، لنساعد على الحد من نمو هذه الظاهرة المزعجة بين أفراداً المجتمع، خاصة وأن هناك أفراداً لا يفهمون معنى أن لا يتدخلوا في شؤون الآخرين. وموضوع التطاول على المرأة التي تعمل هنا أو هناك يُعد تدخلاً في شؤون الآخرين ويحتاج إلى ضوابط تساعد بعضهم على تغيير ثقافتة العامة وتحذيره من عدم التجرؤ على بنات الناس، ليفهم جيداً أن نساءه من هن في بيته فقط، وليست فتيات ونساء الآخرين!
المرأة في بلدي ليست لقمة سهلة كما يتصورها بعض ضعاف النفس، بل حرة قوية حين تخرج لتعمل في سوبر ماركت أو مطعم أو تفترش الرصيف ببسطة، فتأكدوا أنها أشرف من أن تمد يدها وتسأل، بل لا تتردد في قبول أي وظيفة، ومهما تواجه من إهانات وإساءة بأنواعها ستجدونها قوية ومملوءة بالإصرار في النهاية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.