ضمن اللقاء الذي استضافني فيه د. زيد الفضيل السبت الماضي في اذاعة جدة عبر برنامج "مدارات" المباشر تحدثت عن ذكريات جميلة ايام "البلاد" قبل اربعة عقود وتحديداً عندما كنت احرص طوال الاسبوع على النزول عصراً الى جدة من مكةالمكرمة شوقاً للحصول على عدد من صحيفة اليوم الثاني لي فيه خبر او تحقيق واول وصولي ادخل لمكتب الاستاذ عبدالمجيد شبكشي رئيس التحرير رحمه الله والمجاور لمكتبي الاستاذين د. هاشم عبده هاشم وعبدالغني قستي رحمه الله وكثير من المرات اجد الاستاذ الكبير محمد حسين زيدان في مكتب الاستاذ الشبكشي وكان لا يكتب مقاله في البلاد بل يمليه لاي زميل في مكتب الاستاذ الشبكشي وطلب مني الاستاذ الشبكشي اكثر من مرة ان اكتب مقال الاستاذ الزيدان وكنت اشعر بسعادة كبيرة وانا اسجل للزيدان ما يقوله بصوته الجميل وعباراته الرائعة وعادة ما يتجاوز المقال اربعة او خمسة صفحات ويتطلب ذلك لاسباب هدوء الزيدان اكثر من ساعة.. تلك السنوات التي كنت فيها في بدايتي في العمل الصحفي 1398ه وما بعدها ارتبطت في ذهني بكثير من الوقفات اذ كان طلب الاستاذ الشبكشي ان اكتب مقال الزيدان وهو جالس يملك بعصاه باناقته المعروفة من الصور الهامة في حياتي واعتبرها دروسا استفدتها منها في وقت مبكر في العمل الصحفي. مدرسة صحفية كل هذا وغيره يذكرني بالمدرسة الصحفية التي كان يحرص عليها القيادات الصحفية تلك الفترة دعماً للمبتدئين في العمل الصحفي كان الجلوس مع الشبكشي ود. هاشم والاستاذ القستي اوقات دروس خصوصية مجانية هامة يطلب د. هاشم منا ان نعلق على صورة موجودة على مكتبه او نضع عنواناً لخبر او نكتب مقالاً ويضع لمساته على كل شيء ثم هو يتابع العمل الميداني ويوجه بالطريقة التي يراها مناسبة. لذلك لا تجد من سنوات بعد رحيل ذلك الجيل.. لا تجد اليوم هذه المدارس والمعاهد والكليات في صحفنا المحلية حتى انك ترى الكثير من الزملاء يعملون في المجال الصحفي وتنقصهم الكثير من الخبرات والاسس وتمضي السنوات ويبقى هؤلاء في اطار الخبر خاصة بعد ان اصبح الخبر اليوم متاحا على مدار الساعة من عشرات المصادر ولا يتردد بعضهم في وضع اسمه عليه.. لم يكن الاستاذ الشبكشي يميل للتوسع في كتابة الاسم على اي خبر بل كان يتوقف امام "بنط الاسم" ومدى اهمية الخبر ومساحته والمكان الذي ينشر فيه حتى انه ود. هاشم كانا يعيدان اللقاءات التي ننفذها لاسباب حاجتها لاعادة صياغة او تنظيم واولويات الامر الذي الزمنا مبكرا بالاهتمام بالعمل الميداني وعدم القبول باي عمل صحفي واي خبر لمجرد النشر.. صور غاية في الجمال تؤكد ندرة ذلك الجيل وحرصهم على ان يصنعوا ممن يعمل معهم صفوفا ثانية في العمل الصحفي. تذكرت هذه المواقف وانا اتحدث مع د. زيد الفضيل في "مدارات" لذلك وبعد مرور سنوات طويلة في العمل الصحفي لم نجد مواقف مشابهة لمدرسة الشبكشي والقستي وهاشم للاسف وهو ما ساهم في خروج اجيال اعتمدت على تطور وسائل الاتصال ووجدت فيها ضالتها.