طالبت دراسة بحثية جميع المؤسسات من رفع مستوى المهنية والثقافية في أنظمتها ، والإستفادة من تجارب الدول المتقدمة في مكافحة الفساد وأهله . وخرجت الدراسة البحثية التي جاءت في طبعتها الجديدة متزامنة مع الاحتفاء باليوم الدولي لمكافحة الفساد لعام 2015 م المصادف ليوم الأربعاء 27 صفر 1437 ه الموافق للتاسع من ديسمبر الحالي تحت شعار ( حطموا سلسلة الفساد ) حيث خرجت الدراسة المعنونة ب ( الطريق إلى إصلاح الفساد ) للزميل الأستاذ سلمان بن محمد العُمري إلى أن الفساد شر كله يدمر الإنسان، ويهدم الكيان، ويهلك الحرث والنسل، ويقتل في الناس قيم العدل والإيثار والإخلاص، وتحقيق الجودة والإتقان، وأن المشكلة ليست في وجود الفساد، بل في عدم دفعه من قبل العلماء والمفكرين والسياسيين والباحثين عن الإصلاح والحقيقة. وأكّدت الدراسة على ضرورة التصدي لظاهرة الفساد التي تهدد الوطن والأمن والدولة، والشعب، وتحديد وتأطير أسباب الفساد بكل صوره السياسية والإجتماعية والإقتصادية والأخلاقية، وأنه ينبغي تحديد مظاهر الفساد كحالة فردية، أو كظاهرة إجتماعية وبيان أن تلك الظاهرة موجودة في مجتمعنا ونحتاج إلى وقفة صارمة، فبسببها انتهت المظالم وضاعت الحقوق. وأوضحت الدراسة بضرورة عقد المؤتمرات والدورات حيال هذا الموضوع الذي يهدد الأمن الوطني والعناية به في الأبحاث والدراسات الجامعية الجادة، وفي مراكز البحوث الاستراتيجية. وشددت الدراسة على إعطاء كل ذي حق حقه في المجتمع، خاصة الموظفين من حيث منحهم ترقياتهم والدورات الخاصة بهم، والأخذ بمبدأ العدل والمساواة بين الجميع، وأن يدرك كل مسؤول أن الفساد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن الوطن واستقراره السياسي والاجتماعي، وأكثر ما يفرح بانتشار الفساد هم الحاقدون على الوطن واستقراره الأمني. وقال الباحث والمستشار في الشؤون الإسلامية والاجتماعية الأستاذ سلمان العُمري، أن الفساد لا دين له ولا هوية ولا مذهب إنما هو يحصل في المجتمعات كلها، وفي الدول كلها، فليس مختصاً بدولة معيَّنة دون أخرى، ولا في مجتمع معيَّن ولا في ديانة معيَّنة. وديننا الإسلامي دين الإصلاح والصلاح والخير والنهي عن الشر، فقد نهى الإسلام عن الفساد بكافة صوره، كالربا والرشوة والخيانة والإعتداء على أموال المسلمين العامة والخاصة وحقوقهم، – قال تعالى ( ذَ?لِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) ]البقرة:275[، وقال سبحانه : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ]المائدة:38[ . واسترجع الأستاذ سلمان العُمري تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله عند استقباله لكبار المسؤولين والمهتمّين بمكافحة الفساد " بإن هناك إجماعاً في البلاد على محاربة الفساد، ومكافحته، وإن أكبر مكافح للفساد هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأننا لا نقبل فساداً على أحد ولا نرضاه، وأن المملكة قامت على الكتاب والسنة وعلى أسس العقيدة الصحيحة، وإن أكبر محارب للفساد هو تطبيق الشريعة الإسلامية " . وأكّد العُمري أن محاربة الفساد قضية شغلت المجتمع المحلي والدولي بأسره، وقد أنشئت منظمات دولية لمكافحته والقضاء عليه أو التقليل منه، واعتنت المملكة العربية السعودية بهذا الجانب عناية كبيرة من خلال عدد من القطاعات التي تعنى بتحقيق الأمانة والنزاهة، والجودة، وسلامة الإجراءات، ومكافحة الفساد، والخيانة، والإنحراف في الإجراءات، وترسية المشروعات والعقود، وتنطلق هذه المؤسسات من الأهمية القصوى لمحاربة الفساد والقضاء عليه. مشيراً إلى أن محاربة الفساد ومكافحته مطلب ضروري لسلامة الأنشطة الاقتصادية وتطورها وازدهار الدول والمجتمعات، ومطلب جوهري لترسيخ المنافسة العادلة، وإيجاد بيئة مواتية لجذب الاستثمارات وحماية الموارد العامة والخاصة. وعلى المستوى الفردي للإنسان المسلم فإن ما يميّز الإنسان المسلم استشعاره واعتقاده وإيمانه بأن الله سبحانه وتعالى علّام الغيوب يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وهو الذي يعلم السر وأخفى، وما يكون وما هو كائن، كما هو مطلع على كل شيء من قول أو عمل. وعدّ العُمري أن التقاعس والتأخر في تنفيذ المشروعات التي رصدت لها الدورة أيّدها الله ميزانيات طائلة تعد فساداً، فمن غير المعقول تتأخر المشروعات بدون متابعة ومحاسبة من المسؤولين عنها، وأنه من الأهمية بمكان أن تبادر الجهات الرقابية سواء في هيئة الرقابة والتحقيق أو هيئة مكافحة الفساد بالعمل الجاد على متابعة المشروعات المتأخرة وبحث أسبابها؛ لأن ذلك يعد من الأولويات الضرورية المهمة. وأن يطلب من كل جهة حكومية بيان بمشروعاتها مفصلة والوقوف عليها ميدانياً من جهة الاختصاص والعمل على معالجة المشكلات، وأنه لمن المؤسف تأخر كثير من المشروعات الحيوية سنوات طوال دون متابعة، على الرغم من الدعم المالي الكبير من الدولة.