سافرت هذا الصيف، وفي السفر ثقافة او سبع فوائد كما نقول، وان كان الامام الشافعي قد ذكرها بخمس: تفرج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد هذه الفوائد ننال بعضها او جميعها ونعود بحصيلتها لو احسن المسافر اغتنامها، وتجربة السفر قديمة قدم الازل طلبا للرزق والعلم والراحة ومعرفة ثقافة الشعوب في حياتها ومعاشها وعاداتها، وقد اصبح ميسرا مهما طالت المسافات ويتزايد عدد المسافرين بالملايين كل عام في انحاء العالم، وتعددت الاسباب والسفر واحد، وحالنا مع الدنيا هو حال المسافر فالرحلة قصيرة وان طال السفر، نسأل الله تعالى ان يمتع الجميع بالصحة والعافية ويحسن الصحبة والعمل. في السفر لبعض الايام او اسابيع عادة ما يخالجنا الشعور براحة الاعصاب وشعور البهجة بتغيير نمط الحياة اليومية وطرد رتابها، خاصة وان الاغلبية الكبيرة والاجيال الجديدة من ابنائنا والاحفاد بات يشغلهم سفر من نوع آخر، هو عالم الانترنت والبرامج التي تخطف عقولهم وابصارهم واهتمامهم، وباتوا في شغل دائم بها وحالة انفصال عن الواقع، واحيانا تتملكني الدهشة والتعجب من استسلام الانسان لهذه الاجهزة العجيبة، والقادم لا يعلمه الا الله، مع هذا التطور وما الذي سيفعل في عقل الانسان وعواطفه. السفر متعة لكن في جوانح الفؤاد يسكن الوطن، وداخل لوحته الجميلة يشدنا الحنين للبيت والحي، ولهذا يعاودنا الفرح مع رحلة العودة بعد اشتياق، وهكذا سنة الحياة في السفر منذ الازل. وجهتي في هذا الشهر كانت الى القاهرة وقد زرتها مرارا، وفيها احبة كثر من ابناء جلدتنا سواء من اهلنا السعوديين او اشقائنا المصريين الذين اعرفهم، ومنهم من امضوا قسطا من حياتهم بيننا في المملكة، واحرص على زيارة بعض المعالم، ومعايشة الناس وتبادل الخواطر والضحكات، والحقيقة وجدت مصر العزيزة هذا العام مختلفة كثيرا، فالاحساس بالامن كبير والتفاؤل متجدد وحراك فكري وثقافي واسع، واحاديث اهلها الطيبين لا يفارقها الامل والارادة في غد افضل خلف قيادتهم المحبوبة، بعد سنوات عجاف من الفوضى والمخاطر الكبرى، ثم الارهاب الخسيس الذي توحد المصريون في حربهم ضده وحققوا الكثير ولله الحمد. خلال وجودي دعاني بعض الاصدقاء الصحفيين لزيارة قناة السويس الجديدة التي افتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسي في احتفال تاريخي بحضور ضيوف مصر واحتفال المصريين بهذا الانجاز العظيم، وقمنا برحلة بحرية في القناة، ورأيت فيها فاتحة عبور حضاري نحو المستقبل الواعد بمشروعاتها التنموية القادمة كربيع حقيقي، ولهذا ادركت اسباب هذا الامل بعد سنوات الخريف العربي المظلم المدمر. في اسفاري الخارجية لا اشعر بالوقت، واليوم يمضي سريعا اذا كنت وسط الناس الذين تعجب لقدرتهم على مواجهة اعباء الحياة والهموم بايمان وصفاء نفس وتفاؤل وروح اجتماعية جميلة. فلا تزال الدنيا بخير في النفوس العامرة بالمحبة في كل مكان، واجدها في بلادنا واهلها وهؤلاء هم من نحب ان نسامرهم ونجالسهم، فالحياة بالناس الطيبين جميلة ومن غيرهم بائسة ولذلك اتمسك بالحنين الى الايام الخوالي والصحبة الكرام. هكذا هي الدنيا النفس متقلبة، والسفر بالداخل او الخارج يمنحنا سعادة مختلفة ويعدل المزاج النفسي ويجدد الشعور بالحياة ويخلصنا من ربق روتينها، لكن المهم ان تحفظ حق الله في العبادات وحق الناس والمعاملة الحسنة، وان لا يغفل الانسان عن طاعة الله، وبهذا يكون للسفر فوائد ما شئت منها ليكمن في دواخلنا وعلى محيانا. دمتم واوطننا في أمن وخير. للتواصل 6930973