في حياة كل منا ذكريات هي بالنسبة لنا كتاب مفتوح يشدنا الحنين اليه لنتصفحه ونعانق تفاصيل حميمة عن الاحبة والاصدقاء الذين تقاسمنا معهم اوقاتًا ولقاءات واشغالاً وجلسات وخواطر ومواقف، ولذلك بقدر ما تمنحنا الحياة خبرة وأحكامًا وانطباعات فإن الذكريات هي مخزون كل هذا الرصيد حيث نعود الى ذكرياتنا وذاكرتنا ونستلهم منها الدروس والعبر كما نسترجع السير الطيبة لمن لهم في نفوسنا محبة ومكانة، وما ذاكرة المجتمع الا في فيض ذاكرة الاجيال، كما ان العلاقات الاجتماعية والوفاء لها هي من معين الذكريات عندما نتذكر فصولاً من الحياة الماضية ونتذكر الرجال والنفوس الطيبة وما كانت عليه العادات والتقاليد التي عشناها. ولهذا أعتبر الذكريات قيمة عظيمة في نفسي وعقلي ورصيدي الاجتماعي الذي أعتز به، وكما قلت ان الذكريات تحرضنا على الوفاء وتجعلنا نمسك بخيوطه تجاه الاحبة والاصدقاء ممن تقاسمنا معًا الخبز والملح، وهذا الرباط يجعلنا دائما على حنين الى هؤلاء الاحبة وما نحمله تجاههم من اطيب المشاعر وندعو الله لهم بالخير ممن يقاسموننا الحياة وان يبارك في اعمالهم وندعو بالرحمة والمغفرة لإخواننا الذين سبقونا وغيبهم الموت عن دنيا الفناء. لقد تذكرت مراحل من الماضي وانا اخط هذه الكلمات وتذكرت انسانا عزيزا عليَّ وصديقًا ارتبطنا معا بصداقة غالية وأمضينا سنوات معاً في رابغ وجدة واشعر كثيرا بافتقاده وهو اخي/ أبو غازي محمد صالح محمد سعيد بن عتيق الغانمي رحمه الله رحمة واسعة، وهل الانسان منا الا سيرة وصورة ومواقف فيتذكره اخوانه بالخير ويدعون له، ورحم الله شقيقه أخانا الاستاذ عتيق محمد سعيد بن عتيق الغانمي واسكنه فسيح جناته وحفظ الله أخاهم "عاتق" وهؤلاء الاخوة الاشقاء أفاء الله عليهم بطيب الخصال وكريم السجايا، واذكر اخاهم الاكبر محمد محمد سعيد عتيق الغانمي والذي توفي قبل شهرين أسكنه سبحانه فسيح جناته. وقد كان لسانه ذاكرا وقلبه خاشعا خشوع الأتقياء، وهذا ديدن هؤلاء الاحبة الذين لهم بصمات مضيئة تجاه مجتمعهم ويتسمون بالوفاء تجاه احبتهم ورصيدهم ولله الحمد من المحبة كبير. لقد استرجعت شريط الذكريات ووجدت نفسي متنقلا الى ماض جميل مع هؤلاء الاعزاء ولذلك أعتز كثيرا بأواصر المحبة لهم ولكل الاصدقاء. إن من هم في جيل الاجداد مثلي تراهم اكثر حرصا على التواصل ويشعرون دائما بالانتماء الى زمن جميل ارتبطنا فيه بصداقات ناصعة ومحبة خالصة في الله بغير حياة اليوم التي شغلت الانسان. إن مصاحبة الاخبار امر مهم في هذه الدنيا، وقد قال الله تعالى: "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين". نسأل الله ان يجمعنا في الدنيا والآخرة بمن نحب ممن سكن الاخلاص والوفاء قلوبهم وحرصوا على التواصل حرصهم على صلة الارحام، فالصداقة والمحبة وعلاقة الإخاء لها شأن عظيم في الاسلام لأنها احد اهم روابط المجتمع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل". واذا كنت اعتز بشيم الوفاء والاخلاص التي جبلنا عليها فإنني اتمنى لو ان شباب اليوم من الابناء والاحفاد يحرصون على هذه الفضيلة، فالتواصل جسر محبة إلى القلوب وبينها، وقد ذكرت الإخوة الأحبة من بيت الغانمي للتدليل على أن الإنسان عندما يحرص على فضيلة الوفاء وصدق الصداقة ومواقفها انما هو رصيد من الخير في الدنيا ونسأله سبحانه ان نكون من صحبة الاخيار دائما قولا وعملا ولنجعل ذكرياتنا طيبة وناصعة بصداقة الاخيار الطيبين والنفوس الكريمة. حكمة: المرء بالأخلاق يسمو ذكره للتواصل 6930973