الحج ركن عظيم من اركان الاسلام كما انه مدرسة ايمانية واخلاقية وتربوية عظيمة لحياة المسلم الفرد والاسرة والجماعة وهكذا هي المدرسة الايمانية لسائر العبادات في الارتقاء بالمعاملات وها هو موسم الحج على الابواب حيث يأتي ملايين المسلمين من شتى بقاع الارض ومن الداخل كل منهم يرجو مغفرة من الله ورحمته حيث تلتقي القلوب وتنتهي العصبيات وتذوب الشحناء والبغضاء وتسكب العبرات في مشاهد ايمانية عظيمة لوفود الحجيج الذين من اجل راحتهم وامنهم تسخر المملكة بمتابعة وتوجيهات القيادة الرشيدة وفقها الله كل امكانياتها وطاقاتها لانجاز المشروعات الضخمة وتوفير افضل الخدمات ليؤدوا مناسكهم في امن ويسر وطمأنينة ولا يشغلهم شاغل عن مناسكهم. الجوانب الاخلاقية وتربية النفس عظيمة المعنى والاثر لمن حرص على اغتنامها والالتزام بها ففريضة الحج ليست مجرد عبادة فهي فرصة عظيمة للتوبة والمغفرة والله يحب التوابين ففي الحج الخالص كما في سائر العبادات الاسلامية من الدروس التي لو التزم بها المسلم في الحياة لفاز فوزا عظيما في امور الدين وشؤون الدنيا. ما يحزن حقا ان تغير الاخلاق صار ملحوظا في مجتمعاتنا الاسلامية من افعال واقوال مذمومة كالغش والاحقاد والغيبة والنميمة والظلم والاساءة والرياء والانانية وضعف صلة الارحام وضياع حق الجار وغير ذلك من افعال وسلوكيات شوهت التعامل والمحبة بين الناس رغم ما يبدو من مظاهر التزام بالعبادات والفرائض من صوم وصلاة الا من رحم ربي. لو كان الدين ايمانا وعبادة فحسب دون اعتبار للمعاملات ما كان للدعوة النبوية جاذبية ولا اثر على الناس قال تعالى "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" وقد جعل النبي الكريم حسن المعاملة والعلاقة مع الآخرين من كمال الايمان فقال صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت". وفي زماننا هذا تجددت فتن منتنة، ووجدنا بكل ألم وحسرة وغضب ، غلوا وتشددا وارهابا من جماعات مفسدة تستتر بالدين والدين منها براء واساءوا لصورة اسلامنا السمح عند عوام الامم واستغله اعداء الدين واعداء الامة. ان المسلم الحق تتهذب نفسه يسمو بها فلا يصدر منه الا ما هو خير في علاقاته مع الناس حتى الرفق بالحيوان بينما المفلس من جاء بظاهر العبادات ويسيء معاملة الناس والفرق شاسع بين التدين في العبادة واهمال السلوك. انه اختبار الطاعة والاستقامة في موازين العدل يوم يكرم المرء أو يهان. قال الحق تبارك وتعالى: (يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (العمرة الى العمرة كفارة ما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة) فالاسلام الحنيف مدرسة الاخلاق وميدان تربية النفس على معالي الاخلاق وقدوتنا في ذلك سيد البشر صلى الله عليه وسلم، مناراً لكل حائر في ظلمة الاخلاق : (ان من خياركم أحسنكم اخلاقا) وقوله (ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق). وها هو الحج الاكبر اعظم وثيقة تكريم للانسانية وتبقى خطبة الوداع شاهدا للمسلمين وانسانيتهم بحفظ الدماء وصيانة الاعراض واكرام الزوجات الى ان يرث الله الارض ومن عليها. فلنستشعر الهدي الرباني والنبوي والوصايا الايمانية بالتخلق بكريم الاخلاق من جميل القول والعمل. للتواصل : 6930973