أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل وان يعدوا ليوم المعاد وان يخلصوا لله في السر والإعلان وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بالمسجد الحرام أيها الحجاج ها هنا المورد وهنا الرواء فانهلوا أكرمكم الله بيوم عظيم من أيام الإسلام وموقف جليل من مواقف المسلمين فأتممتم حجكم وقضيتم تفتكم وقد سبقكم إلى هذه الصعودات آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وأنبياء كثر ومحمد النبي الكريم وصحبه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة العظام وأئمة المذاهب وصلحاء المسلمين وها انتم تخلفونهم على هذه الربوع الرب واحد والمشاعر هي نفسها والهدف متحد فلماذا الحال غير الحال والرجال دون الرجال نسبكم أيها المسلمون في المعتقد تسلسل إلى أنبياء الله ورسله فلما الحيدة وديوان الإسلام قرآن وسنة لازالت حية وشواهد التوحيد مازالت قائمة من عهد إبراهيم فلماذا الخوف ودينكم أعظم شرعة نزلت من السماء إلى الأرض فلما الذلة . وقال فضيلته قضيتم نسكاً من شعائر التوحيد فاجعلوه شعاركم حتى تلقوا ربكم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة” عظموا الله واجلوا رسوله وعظموا ما جاء من عندهما واخلصوا لله القصد والعمل واقتفوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه واعرضوا العبادة على الكتاب والسنة وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا . وأضاف حجاج بيت الله العتيق إن من حج البيت واعتمر فقد ازداد من الله قربا وتقرب إليه زلفى والمقربون هم أولى الناس بالتأدب مع الله جل في علاه يحذوهم الرجاء في الازدياد من الطاعة ويمنعهم الحياء من التلطخ بشيء من المعاصي بعد أن أكرم الله وفادتهم وغفر ذنوبهم وأتم مناسكهم ,أما وقد وفقكم الله لمرضاته ويسر لكم التعرض لنفحاته فاستقيموا على أمره ,وان من أولى ما يوصى به المسلم بعد التقوى ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم سفيان رضي الله عنه حينما قال يا رسول الله قلي في الإسلام قولاً لا أسال عنه أحداً بعدك قال “قل آمنت بالله ثم استقم” الا وان من أولى ما استقام المؤمن عليه بعد التوحيد المحافظة على الصلاة فهي عمود الدين وفارق المؤمنين عن الكافرين وقد قال الله عز وجل “قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون” وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “انزل علي عشر آيات من اقامهن دخل الجنة ثم قراء قد افلح المؤمنون حتى ختم عشر آيات” هذه هي أسباب الفلاح وأسباب دخول الجنة الصلاة والزكاة واجتناب مالا نفع فيه من الأقوال والأعمال وحفظ العورات والمحارم واجتناب الفواحش والمحافظة على الأمانة والعهد . وقال فضيلته: أيها المؤمنون الإسلام هو الاستسلام لله والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك وأهله والاستسلام لله عبرت عنه أحكام الحج كما جسدته المشاعر ومثلته سيرت نبي الله إبراهيم واله تلك الأسرة الصالحة التي استسلم فيها إبراهيم لأمر الله بترك زوجته ورضيعها في وادي فقر لان الله أمره بذلك وقالت زوجه هاجر الله أمرك بهذا قال نعم قالت إذا لم يضيعنا فلم يضيعهم ربهم وفجر الأرض بعين زمزم وبارك فيها وعمر الوادي بالبشر فهوة أفئدة الناس إليهم ورزقهم الله من الطيبات وجعل بلدهم آمنا مطمئنا واستسلم إبراهيم لأمر لله بذبح ابنه واستسلم إسماعيل أيضا لهذا الأمر . ودعا المسلمون إلى التزود بالتقوى لأن خير الزاد التقوى، وقال إنها عبادة محدودة في أيام معدودة يجهد الحاج في تمامها ويحذر من نقصانها أو بطلانها ويلتمس من ربه القبول راجيا رحمته طالبا الخلاص من ناره والتقوى شعور قلبي يحذوا المسلم خلال ذلك لسير وفق مراد الله يجزيه خوف الله ورجاء ما عند الله لاما عند الناس وإذا جعل المسلم قصده استرضاء ربه افلح ونجا. وأضاف : الحج موسم روحاني نشر بين المسلمين حقيقة العبادة طاعة واستجابة لنداء الرحمن واستسلام لشرعه وأحكامه وانه من الخطأ تطلب حج مرفه أو التذمر من مشقة يلقاها من لم يتعود المشاقة فان الله تعالى قال(وتحملوا أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس)فالبساطة وتخلي عن الرفاهية من مقاصد الحج فيها التربية والعبودية والتواضع والمساواة عند الضراعة بين يدي الله وفي ذلك أيضا تربية للمسلمين بان يكونوا رحمة على إخوانهم متواضعين لهم قائمين على مصالحهم في بعد عن الأنانية والأثرة فضلا عن التقصير في حقهم أو الإخلال بما أنيطوا به من واجبهم ومن مشاهد الحج إن الله تعالى أحاطه بالرعاية والحفظ وأسبغ على حجاج بيته الأمن والطمأنينة في أيام يضطرب فيها العالم كما تضرم نار الحروب في بقاع شتى ولسنا بمنأى عن الحساد والمعتدين ولكن الله تعالى هو لطف وامن وستر وعافى وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنه وسخر لهذا البلد حماة صادقين حفظ الله بهم العباد والبلاد فلله الحمد والشكر وله الثناء الحسن إنها نعمة تستوجب الذكر والشكر والتنبيه تحدثا بنعمة الله تعالى وشكرا له وحمدا. وتابع فضيلته : بالاستغفار تختم الأعمال الكبار وطوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا وان العمل الصالح شجرة طيبة تحتاج إلى سقاية ورعاية حتى تنمو وتثبت وتوتي ثمارها وان من علامة قبول الحسنة إتباعها بالحسنة لان من قبله الله وقربه وفقه للصالحات ووقاه السيئات فاحرص رعاك الله على حسن عملك وصيانة نفسك وسددوا وقاربوا ودعا الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لما يحب ويرضى وان يأخذ به للبر والتقوى ولما فيه صلاح العباد والبلاد وان يجازيهم بالخيرات والحسنات على ما يبذلونه من خدمة الحجاج وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما. وفي سياق متصل أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينةالمنورة الشيخ علي الحذيفي المسلمين في خطبة جمعة اليوم بتقوى الله سبحانه بامتثال ما أمر به وترك ما نهى عنه وابتغاء مرضاته والخوف من عقوباته . ونبه فضيلته جموع المصلين إلى أنهم في أول جمعة بعد فريضة الحج , قائلا :من يسر الله له أداء الحج فرضا أو تطوعا فليحمد الله سبحانه وليشكره على ذلك وعليه أن يحافظ على حجه من المبطلات فمن سلم له حجه فقد سلم له عمره , وكما أن الحسنات يذهبن السيئات كذلك فإن السيئات قد تبطل الحسنات أوتنقص أجرها , مستشهدا بقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ) . وأبان فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن خير أحوال المرء المسلم أن يتبع الحسنات بالحسنات ويترك المحرمات ويكون سباقا للخيرات وأن شر أحوال المرء المسلم أن يتبع السيئات بالسيئات ويترك الواجبات ويتهاون في الفرائض . وزاد بقوله :إن بين هذين الحالين من يتبع السيئة الحسنة فهو على نجاة إذا رجحت حسناته على سيئاته , حيث يقول الحق تبارك وتعالى ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَن ْخَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ ). وأوصى الشيخ الحذيفي من لم يقدر له حج الفريضة بأن يتعجل ويبادر إلى قضاء فرضه فإنه لا يدري متى ينزل به الموت ولا يدري هل يحج عنه أحد أو لا , وقال : كم من ميت لم يحج عنه أحد وعلى من توفرت له أسباب حج التطوع أن يحج فذلك من الأعمال الصالحات التي تدخل الجنات وتنجي من النار ومن فاتته طاعة من الطاعات فليعمل غيرها من الحسنات فأبواب الخير كثيرة وأعمال البر غير محصورة . وحث فضيلته المسلمين على التمسك بالإخلاص في النية ليكون عملهم مقبولا عند الله عزوجل وأن يثبتوا على الاستقامة في كل الأحوال لأن الاستقامة على دين الله تعالى أعظم كرامة من الله سبحانه لعباده , كما أن أعظم الاستقامة تحقيق توحيد رب العالمين وإقامة الصلاة , مبيناً أن بقية الفرائض تأتي تبعاً لذلك فمن وحد الله تعالى ولم يشرك به أحداً دخل الجنة , وأول شيء دعا إليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , وآخر شيء أوصى به هو التوحيد , كما أن من أقام صلاته ضَمن الله تعالى له الفلاح , مستشهدا فضيلته بقول الله تعالى ( قَد ْأَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ). وخلص إمام وخطيب المسجد النبوي في نهاية خطبته إلى القول : لو حرص كل مسلم على أن يحاسب نفسه وحرص على معرفة تفاصيل توحيد الله عزوجل وعمل بها كلها , وعرف تفاصيل ما يضادد التوحيد أو كماله فاجتنب الشرك الذي يضادد التوحيد وكماله وأقام الصلاة على نحو ما كان يصلى الصحابة رضي الله عنهم لصلح حال المسلمين من حسن إلى أحسن ولكفاهم الله ما أهمهم وشر أعدائهم .