ربما يتصور البعض أن دور العلاقات العامة في أي منشأة لا يتعدى المجالات البروتوكولية والتنظيمية والاحتفالية ، لكن الواقع يؤكد أن العلاقات العامة أصبحت علماً يدرس في الجامعات والأكاديميات المتخصصة وأتسع دور العلاقات العامة إلى مجالات جديدة ومتنوعة .. أما إذا كانت العلاقات العامة تتعلق بشركة طيران عالمية مثل الخطوط السعودية ، فلا شك أن لها مهام واسعة وواجبات غير محدودة كما تتميز بسرعة التطور وهو السمة التي تميز صناعة النقل الجوي في عالم اليوم . وهنا نستضيف سعادة الأستاذ عبدالله بن مشبب الأجهر مساعد مدير عام الخطوط السعودية للعلاقات العامة حيث تحدث لنا عن العلاقات العامة ودورها في تسيير عمل المنشأة.وهنا نص حوارنا معه: # لو عدتم إلى أيام الدراسة ومراحل العمل الأولى .. هل من إضاءة موجزةٍ على تلك الفترة ..؟ تمثل أيام الدراسة ، في حياة كل إنسان ، الفترة الذهبية في رحلة العمر إلى ما شاء الله ، ذلك لأنها مرحلة بناء الشخصية والانطلاق ، فالحياة آنذاك تمضي كما نريد وطلباتنا مُجابة من والدين يحرصان على أن نعبر المرحلة بسلام .. كما أن تلك الفترة هي الأمثل لبناء الصداقات التي تدوم لأنها نشأت في زخم العاطفة وصدق المحبة كما أنها ترعرعت خارج إطار المصلحة وإزدادت قوة بعشرات المواقف الصعبة والطريفة في فصول الدراسة ، فبقيت محفورةً في الذاكرة تنتظر لمحةً أو مقابلةً عابرة أو اتصالاً حتى يعود شريط الذكريات الغالية من جديد. أما مراحل العمل الأولى ، فهي تمثل النقلة من العالم المثالي الحالم إلى مُعترك وواقع الحياة بكل ما تحمله من مسؤوليات وممارسة ومواقف وتجارب بالإضافة إلى الصعوبات والنجاحات . وبحمد الله ، فقد تجاوزت هاتين المرحلتين بسلام بتوفيقه سبحانه وتعالى ثم بدعاء الوالدين والعمل المخلص أداءً للواجب وخدمةً لصرحنا الوطني ، الخطوط الجوية العربية السعودية . # كشاب يتطلع إلى مستقبل مُشرق .. كيف كانت نظرتك إلى الحياة والعمل ، وبالتالي ما هي رؤيتك لأهمية ما يعرف بثقافة العمل لدى الناس والشباب خصوصاً ؟ بالطبع كانت تختلف عن نظرة الجيل الحالي ، فرغم حنان الوالدين ورعايتهما إلا أنهما حرصاً في نفس الوقت على تربيتنا على تحمل المسؤولية ، ثم كانت مراحل التعليم إضافةً هامة حصلنا منها على مفتاح الدخول إلى واقع الحياة .. أما الحياة ذاتها ، فهي التي صقلتنا واكسبتنا التجارب والعبر والدروس التي كُنا نستفيد منها ونحول لحظات الإخفاق إلى قوة دافعة وانطلاقٍ إلى النجاح. نعم .. تكونت لدينا ثقافة العمل التي تستند إلى المخزون الوافر من التربية والدراسة ، وكلها عوامل قد لا نجدها لدى شباب اليوم خاصةً أولئك الذين عاشوا مراحل من التدليل والرفاهية الزائدة والركون إلى الغير لخدمتهم ، ومع ذلك ، فهناك نماذج رائعة وناجحة من شباب اليوم الذي خدمته الظروف بتوفر التقنية والاتصالات الحديثة كما تلاشت أمامه كل الحواجز عبر الإنترنت وبالتالي أصبح أمام شبابنا مجالات لاحدود لها لتعزيز ثقافة العمل والانطلاق إلى النجاح في كل مجال . # ما هي بداية قصة تجربتك العملية مع مؤسسة وطنية عملاقة مثل الخطوط السعودية .. كيف انطلقت ومن ثم تواصلت معها إلى الآن ؟ الخطوط السعودية ليست مجال عمل وظيفي وحسب ، إنها صرح وطني كبير ، كانت "السعودية" ولاتزال بالنسبة لنا بمثابة "البيت الكبير" وإلى جانب ما تقدمه من خدمات مميزة لما يزيد على ثمانية عشر مليون مسافر سنوياً ، تقدم في نفس الوقت مجال التقدم والارتقاء لأبناء الوطن في صناعة النقل الجوي ولذلك فإن "السعودية" ليست كغيرها من الشركات والمؤسسات ، بل هي عالم قائم بذاته . أما مشواري مع الخطوط الجوية العربية السعودية فقد بدأ في 1-6-1400ه كمرشح لبرنامج التسويق ثم مديراً لمبيعات "السعودية" بالطائف فمديراً ل"السعودية" بالطائف ، وبعد ذلك عملت مديراً ل"السعودية" في الفلبين وبروناي وكوريا الجنوبية ثم كبيراً لمديري المبيعات بجدة ثم مديرا عاماً لمبيعات الركاب بمنطقة مكةالمكرمة ثم المشرف العام على العلاقات العامة وأخيراً مساعد مدير عام الخطوط السعودية للعلاقات العامة، حيث أتشرف مع زملائي في هذا القطاع بالعمل على إحداث التطوير الشامل والجذري لتواكب العلاقات العامة ما تشهده الخطوط السعودية من تطوير سريع في مختلف المجالات لمواجهة المنافسة والتحديات المتلاحقة في صناعة النقل الجوي. # كنت مديراً للخطوط السعودية بالطائف .. كيف كانت تجربتك هناك .. وهل كان الصيف يمثل لكم إشكالية من خلال كثافة العمل ؟ " الطائف المأنوس" من المصايف الجميلة في بلادنا حيث يشهد تدفقاً سياحياً ليس فقط من مختلف مناطق المملكة وإنما من عدد من دول مجلس التعاون ، وبالطبع كانت هناك استعدادات مسبقةً ضمن خطة "السعودية" لمواسم الصيف .. ولقد تشرفتُ وزملائي بخدمة هذه الحركة المتزايدة من المصطافين آنذاك بالتنسيق والمتابعة وزيادة عدد الرحلات المجدولة والإضافية فقد كان هدفنا يتعدى مجرد تقديم خدمات النقل الجوي وإنما حرصنا على أن نترك أطيب الانطباعات لدى السائحين انطلاقاً من واجب وطني يدفع بنا نحو العمل بكل الوسائل للمساهمة في تنمية السياحة إلى ربوع بلادنا الغالية . # كمسؤول عن قطاع العلاقات العامة بالناقل الوطني للمملكة .. كيف يمكن لك اختصار تعريف ومهام العلاقات العامة في سطورة موجزة ؟ الانطباع المبدئي لدى البعض عن دور العلاقات العامة في أي شركة أو مؤسسة ، لا يتجاوز مهام استقبال وتوديع الضيوف والإعداد للمناسبات والمؤتمرات إلى جانب المواد الإعلامية وغيرها من المهام المحدودة . لقد أصبحت العلاقات العامة في القرن الحادي والعشرين علماً قائماً بذاته ومنظومة متكاملة بكل المقاييس بالإضافة إلى نظريات ومناهج مختلفة وذلك يرجع ببساطة إلى كون العلاقات العامة هي الواجهة الأولى لأي مؤسسة ، والقطاع الذي يرى العالم من خلاله ما يجري داخل هذا القطاع من تطور وما يحققه من إنجازات . لذا ، فإن للعلاقات العامة بالخطوط السعودية دوراً استراتيجياً هاماً ومحورياً في تقديم الصورة المشرقة عن هذا الصرح الكبير وما يواجهه من تحديات وما يعيشه من تحول نحو الخصخصة وتطوير الأسطول وتحديث البنية التقنية وتطوير منظومة الخدمات . كما تشمل واجبات العلاقات العامة تنظيم وإعداد المؤتمرات والوفاء بمتطلبات المناسبات والمعارض المحلية والدولية فضلاً عن إعداد تقرير يومي بما ينشر عن المؤسسة ورفعه إلى الإدارة العليا إلى جانب إعداد التقارير الصحفية عن إنجازات المؤسسة وغير ذلك من المهام التي لا يمكن اختصارها في سطورٍ قليلة . كما تشهد العلاقات العامة حالياً عمليات تطويرية تستند إلى خطة علمية تتضمن في مرحلتها الأولى توفير مركز متكامل للمعلومات وإعداد وتأهيل الكوادر البشرية المتخصصة في مجالات الإعلام وتطبيق أحدث البرامج التقنية في هذا المجال، وهي الخطة التي يتم تنفيذها بتوجيه ودعم من معالي المهندس خالد بن عبدالله الملحم مدير عام الخطوط الجوية العربية السعودية . # هناك من يرى أن الخطوط السعودية لم تصل بعد إلى تلك الصورة من "الاقتراب من المجتمع" وأن العلاقات العامة تتحمل جزءاً من وزر هذا التباعد .. ما رأيك ؟ العكس تماماً هو الصحيح ... كما أن عبارة " الاقتراب من المجتمع" أبعد ما تكون عن الخطوط السعودية ذلك لأن هذه المؤسسة الكبرى لم يقتصر دورها على تقديم خدمات النقل الجوي وخدمة خطط التنمية بالمملكة عبر ما يزيد على ستين عاماً فقط ، بل كانت النبض الصادق لما تحققه بلادنا من نهضة وتقدم ، فقد امتد هذا الدور إلى خدمة الوطن في مجالات عديدة مثل تنمية السياحة الداخلية وتقديم منتج ثقافي متميز عن بلادنا عبر مجلتي "أهلاً وسهلاً" و "عالم السعودية" فضلاً عن رعاية العديد من الفعاليات الثقافية والرياضية والاجتماعية . ولا شك أنكم تلاحظون من موقعكم الإعلامي المتميز ، تواجد الخطوط السعودية في كافة الفعاليات والمناسبات والمؤتمرات والمهرجانات التي تشهدها بلادنا كما تُقدم "السعودية" برامج خدمات متميزة لذوي الاحتياجات الخاصة عن تخفيضات على أسعار التذاكر وغير ذلك من الخدمات المتميزة لهم في مرافقها المختلفة وعلى رحلاتها الداخلية والدولية .. هذا الدور الاجتماعي المتنامي يحظى بالدعم الكامل من معالي المدير العام تأكيداً لرسالة الخطوط السعودية في خدمة المجتمع . لذلك ، أقول وأكرر .. العكس هو الصحيح ، بل أكاد أجزم أنه لا توجد أي مؤسسة أكثر قرباً والتصاقاً ومعايشةً للمجتمع من الخطوط السعودية ليس من وجهة نظري وحسب وإنما من الواقع الذي لا ينكره أحد طالما كان موضوعياً ومنصفاً . # عندما جئت للعلاقات العامة يبدو أنك كنت أمام تحدٍ من نوعٍ خاص ..فالمؤسسة العامة تعيش تجارب جديدة وتحولات ..إلى أي مدى كنت تدرك ذلك ..وما هي رؤيتك لهذا الجانب ؟ قبل تشرفي بمسؤولية إدارة قطاع العلاقات العامة ، لم أكن في أي يومٍ بعيداً عن واقع الخطوط السعودية وما شهدته من تحولات وما تعيشه من تطور إلى جانب ما تتطلع إليه في هذه المرحلة الهامة من تاريخها الحافل بالانجازات . نعم كُنا ندرك مهمتنا تماماً ونتطلع إلى أن نوفق في استكمالها بإذن الله حتى تواكب العلاقات العامة في ثوبها الجديد هذه الانطلاقة الجديدة لصرحنا الوطني . # يقولون إن المدير الجديد ينسف انجازات المدير السابق وأحياناً يتخلص من رفاقه . كيف تعاملت أنت مع هذا الجانب بعد أن وصلت إلى العلاقات العامة ؟ هذا قول لا يستقيم منطقاً ولا يصح خُلقاً ..فلكل مسؤولٍ دوره وبصماته وإنجازاته ، وواجب المسؤول الجديد أن يضيف إلى من سبقه ويواصل البناء على ما تم إنجازه ، فالمؤسسات الكبرى لا تُلقي بالاً لمثل هذه الآراء السطحية ذلك لأن المنظومة التشغيلية وبرامج الخدمة والتطور التقني هي عبارة عن مراحل متتالية في إطار خطة بعيدة المدى لا يمكن إيقافها أو التحول عنها . بالطبع هناك الإضافات والتحسينات في الأداء والخدمة التي يمكن للمسؤول الجديد الأخذ بها كما أن هناك تحديات جديدة تفرض واقعاً جديداً في بعض الأحيان ، إنما في كل الأحوال يتم التطور في داخل المنظومة الأساسية للخطوط السعودية وبجهود مختلف الأجيال المتتابعة من أبنائها . وتأكيداً لذلك ، فقد حرصتُ على البناء على إنجازات رواد أفاضل تولوا مسؤولية العلاقات العامة وكان لكل منهم دوره المتميز فيما وصلت إليه من تطور ، ولعلها تكون مناسبة أن أتوجه بالتحية لهم جميعاً وبالتقدير لما قدموه لهذه المؤسسة من عطاء وإنجاز سيظل باقياً في سجلها وتاريخها . # هناك من يتهم مطبوعات الخطوط السعودية بالكلاسيكية وأنها إما أن تكرر نفسها أو غائبة عن تجربة إبداعية متميزة .. هل من (صحوة) لهذه المطبوعات ؟ لو توفرت لديكم الفرصة لتحليل ومتابعة تطور مطبوعات الخطوط السعودية وبخاصة مجلتي "أهلاً وسهلاً" و "عالم السعودية" لكان لكم قطعاً رأي آخر .. حيث شهدت مجلة "أهلاً وسهلاً" خلال أكثر من ثلاثين عاماً تطويراً متواصلاً وشهدت قبل عامين نقلة كبيرة في مستواها شكلاً ومضموناً بالتعاون مع الشركة السعودية للأبحاث حيث حرصنا في هذا التطوير على أن تكون هذه المجلة الرائدة صورةً مشرقةً عن بلادنا وما تعيشه من نهضةٍ مباركة إلى جانب تنويع أبوابها وموادها الثقافية والعلمية والاقتصادية واستقطاب العديد من الكتاب البارزين من المملكة والعالم لإثراء محتواها بمقالاتهم ، بل إننا وبعد حوالي عامين فقط من انطلاقتها الكبيرة سوف نطرح على صفحات المجلة قريباً جداً استبياناً لقياس انطباعات القراء انطلاقاً من قناعتنا بأن التطوير لا يعرف التوقف أو السكون . كذلك ، فقد تم مؤخراً إحداث تطوير جذري لمجلة "عالم السعودية" من حيث التصميم والإخراج مع إضافة قسم للغة الإنجليزية لخدمة منسوبي المؤسسة بالمحطات الدولية فضلاً عن إضافة أبواب جديدة تواكب ما تشهده المؤسسة من تطوير في جميع المجالات . وعليه .. فإن التطوير أو "الصحوة" كما أشرتم ، أمر موجود وقائم ، أما إذا كنتم تقصدون بذلك العمل على جذب وإرضاء القارئ بأي ثمن وعلى حساب المحتوى والمضمون ، فذلك مالا نسعى إليه مطلقاً لأن أهم ما تتميز به إصدارات "الخطوط السعودية" هو الاتزان والموضوعية والرصانة والحرص على تقديم المعلومة الصحيحة والهادفة في إطار الدور المتميز لهذه المؤسسة في خدمة بلادنا الغالية . وفي الختام .. تمنياتي لكم بدوام التوفيق والسداد ، كما أتمنى لأسرة جريدة "البلاد" تواصل التقدم والنجاح .