تصوير - المحرر : يعيش (برج مياه قصر خزام) بجدة حالة مأساوية، ولا يعرف حجم معاناة ذلك الأثر الحضاري المهم، إلاّ من زار المكان وتجول فيه، عندها سيصاب بصدمة كبيرة من جراء ما تراه عيناه من مشاهد محزنة.. ترى كيف هي الصورة طبقاً لجولة لنا في (البلاد) إلى ذلك المكان.. هنا تفاصيل جولتنا.. ذات صباح كنت أجوب المنطقة المحيطة ببرج مياه قصر خزام، وعادت بي الذاكرة إلى أيام جميلة خوالٍ مضت، يوم كنت يومها مع رهط من زملائي الصحفيين نجلس في قمة برج المياه ذاك، قريباً من مطعم أقيم في أعلاه، ومعنا الدكتور المهندس محمد سعيد فارسي أمين أمانة جدة يومها، وكانت المناسبة استقبال معالي الأمين د. الفارسي يومها لوفد تركي زائر، فأراد أمين المدينة أن يستضيف ضيوفه في ذلك المكان، حيث يوجد مكان واسع مكيف، ومنه يمكن للزائر أن يخرج من المكان إلى بهو دائري بمحيط برج المياه من أعلى في الهواء الطلق ليرى معظم مدينة جدة في جو شاعري جميل، وفي احساس بديع بأن في جدة معلما حضاريا بارزا، فيما الحدائق الخضراء تحيط ببرج المياه ذاك من كل مكان، فتزيد المكان بهجة فوق بهجة. تذكرت كل ما تقدم بأسى وحرقة عندما قارنته، بما كانت أمس الأول تراه عيناي، حيث يحيط الآن بالبرج مساحات قاحلة ترابية ليس فيها سوى صفير الرياح التي تذرو الرمال على كل من يريد أن يخطو خطوة واحدة حول البرج.ورأيت أسواراً حديدية مكتوب عليها شركة جدة للتطوير، بعضها محطم والبعض الآخر ما زال قائماً في وضع بائس، ولمحت عدة أكوام من الرمل والأتربة، بما يمكن أن نقول عنه باللهجة الشعبية "حملة قلاب من التراب" هنا وهناك. ورأيت عموداً ضخماً للدعاية وقد سقط على الأرض ليضيف هو الآخر تشويهاً للمكان، فيما كانت إلى جواره سيارة خربة، كنوع من الامعان في زيادة اتلاف المنظر الجمالي الذي كان عنوان الموقع كله. اضافة إلى كميات من القمائم والأتربة هنا وهناك. المساحة هناك تقدر بحوالي 1500 متر مربع، وعمره ربما قارب الأربعة عقود، ويقع في حي النزلة الشرقية على شارع الملك خالد، بجانب مسجد الملك سعود، وقريباً من جامعة عفت.البرج بنته وزارة الزراعة بهدف تنمية الزراعة، وارتفاعه قرابة ال 80 متراً عن سطح البحر، وكان بالامكان أن يتم تسجيله ضمن مشروع التراث العالمي، الذي تقوم عليه المنظمة الدولية المعروفة ب "اليونسكو" ولكن..؟!! وقد بني بحسب ما قاله لي مصدر خاص في العام 1976 بهدف التنمية الزراعية ولإضافة معلم جمالي بارز لعروس البحر الأحمر.أمانة جدة ووزارة المياه وربما غيرهما، لا تريدان لذلك المعلم أن يكون علامة جمالية حضارية، ولذلك تم اهماله، إهمال كل ما حوله، حتى تحول كما لو كان إلى "قطعة من الخردة" إذا جاز التعبير، فلم يعد كما كان الأمر في السابق محطة لاستضافة زوار وضيوف جدة القادمين من الخارج.ولم يعد أيضاً مكاناً سياحياً استثمارياً يمكن له أن يدر مالاً كثيراً، وفي نفس الوقت يكون متنفساً جمالياً إبداعياً لأهل جدة، وأظنه لو كان في مدينة أخرى لربما تم استثماره خير استثمار، ولتحول إلى "مزار" عام غاية في الجمال، بل وتحفة حضارية بارزة. السؤال الذي نطرحه عبر (البلاد) لماذا تم اهمال برج المياه في قصر خزام..؟!! ولماذا تم اهمال المحيط الصغير (على الأقل) المحيط به من الزراعة والخضرة؟! ولماذا تم طي صفحة ذلك المعلم المهم من معالم جدة؟..نحن نسأل من السبب؟.. ثم بعد ذلك يظل الأمل فيمن يعيد الروح والحياة لذلك المعلم المهم، الذي دخل "العناية المركزة" حالياً؟.