كثيراً ما تنتشر في البلاد العربية حالات عديدة من زواج البنت دون موافقتها، وهذا على عكس ما تدعو به مبادئ الإسلام السمحة التي تشير إلى أن هذا الزواج باطل والعقد غير صحيح، فقد تقبل الفتاة الزواج تحت الضغوط رغم كراهية الرجل؛ كونها تخشى أن يكون الرفض نوعاً من العقوق رغم أن القبول والاختيار من حقها، هذا فضلاً عن خوفها من المعاملة السيئة التي قد تتعامل بها داخل المنزل في حالة رفضها الزواج سواء كان عنفا جسديا أو معنويا بمقاطعتها وعدم السماح لأحد بالحديث معها وحرمانها من بعض حقوقها وكل هذه أمور سلبية تخالف الشرع. فقد رفعت خمسة نسوة قضايا ضد أولياء أمورهن خلال الشهرين الماضيين بدعوى تزويجهن بغير رضاهن، وأوضح تقرير إحصائي صادر عن وزارة العدل، أن خمس محاكم هي محاكم الرياض ومكة المكرمة وتبوك وحائل وجازان نظرت في تلك القضايا منذ بداية العام الهجري الحالي، فيما وصل عدد القضايا الكلي إلى 62 قضية خلال الأعوام ال14 الماضية. ومن ناحية أخرى كلما زادت حالات إجبار الفتيات على الزواج بمن لا تريده كثرت حالات الطلاق والمشكلات والتفكك الأسري والخيانات الزوجية، فكل ذلك من الآثار السيئة التي تخلفها مسألة الإجبار في الزواج سواء أكانت للرجل أو المرأة، فقد كشف أيضاً تقرير لوزارة العدل أن إجمالي عدد حالات الطلاق في المملكة قد بلغ 28867 حالة طلاق بمعدل 79 حالة طلاق يومياً عام 2009م وهو رقم كبير يجعلنا نبحث عن أسباب تضخمه وإيجاد الحلول للحد من تناميه في المجتمع كونه يهدد الأسرة والأمن النفسي والصحي للمجتمع. ويؤكد علماء الدين على أن ازدياد حالات إجبار الفتيات على الزواج وإكراههن على ذلك من قبل أولياء أمورهم يرجع إلى الجهل والتعنت والتمسك بالعادات والتقاليد حتى وإن خالفت شرع الله، كما أشاروا إلى أن الفتاة إذا كانت في ذمة رجل وكرهته ولم ترغبه وأصبحت الحياة بينهما صعبة فإنه يحق لها أن تذهب للقاضي وتقوم بخلعه. كما علق العديد من علماء الدين على أنه عندما يقدم طلب الزواج يسأل القاضي الشرعي الفتاة إن كانت موافقة أم لا، فيكون جوابها إما بالإيجاب أو الرفض، فإذا كانت غير موافقة على الشخص المتقدم لخطبتها وغير قادرة على التصريح بذلك خوفاً من تهديد ما فيمكنها بالإشارة فيستطيع القاضي الشرعي أن يستشف عدم موافقتها على الزواج خاصة إذا لاحظ وجود فارق بالسن للخاطب أو عيب ظاهر للقاضي أو ما ينفر على الزواج، ففي هذه الحالة فإن القاضي الشرعي يطلب من المرافقين للفتاة الخروج كي يتحقق منها. ومن الناحية النفسية أكد العديد من الأخصائيين النفسيين أن هناك أسبابا كثيرة وراء إجبار بعض الأسر لفتياتهم على الزواج من أشخاص غير مرغوب بهم، ومن ذلك ربط الفتاة منذ صغرها لابن عمها أو خالها وتربية الأبناء على ذلك، وهذا من أخطر الأشياء لأن الانسجام سيكون بين الزوجين مفقودا، كما أن هناك العديد من الحالات يُجبر فيها الشاب أيضا على الزواج من فتاة لا يريدها تطبيقاً لرغبة والده وهذا يعد إرغاماً على سلوك لا يرتضيه طيلة حياته.. كما أن بوادر عدم الرضا تظهر في بداية الحياة الزوجية من خلال العلاقة الندية بين الزوج والزوجة التي تصاحبها توترات وخلافات دائمة ومن يدفع الثمن هم الأبناء، وقد تتسبب هذه العلاقة في انحياز الأبناء لطرف ضد الآخر مما يزيد الشقاق والفرقة.