تناول مختصون وقانونيون ومحامون وحقوقيون مخاطر وتداعيات ظاهرة زواج آسيويات من عدة رجال في ذات الوقت، واعتبروها مشكلة تحتاج إلى معالجة عاجلة قبل أن تستفحل وتتسبب في تزايد عدد المجهولين. وفي هذا الشأن سجلت هيئة التحقيق والادعاء العام والمحاكم الشرعية عددا من الدعاوى الزوجية التي توصف بأنها «قضايا جديدة في المجتمع» تعد نتاجا لوجود مئات الآلاف من المقيمين من أصحاب الثقافات والعادات الخاصة بهم.. وتتنوع تلك القضايا بين زوجات يتزوجن على أزواجهن، أو عصابات زواج المتعة المحرمة إضافة إلى أزواج يطلقون زوجاتهم دون إبلاغهن ثم يعاشرونهن مما يوقعهم في المحظور الشرعي، وبلغ عدد حالات مقيمات تزوجن بأكثر من رجل في الوقت نفسه 6 حالات في جدة والرياض، فيما بلغ عدد الآسيويات اللاتي تمت إحالتهن للمحكمة بتهمة القبض عليهن مع رجال ولم يقدمن ما يثبت شرعية العلاقة نحو 15 حالة جاري محاكمتهن. وثمة قصص وحالات رصدتها «عكاظ» من سجلات وأروقة المحاكم والادعاء العام. في الأثناء ذاتها حذر مأذون شرعي من انتشار ظاهرة ارتباط امرأة بأكثر من رجل واحد عبر ما أسماه زواج «المسيار الوهمي»، من وافدات من جنسيات آسيوية متنوعة، يمارسن هذا النوع من الزيجات، ويقول متابعون إن الخادمات من جنسيات آسيوية هن أكثر من يسلك هذا الطريق الوعر والمحرم.. ويصف المأذون الشرعي علي الشهري، «زواج المسيار الوهمي» بأنه زواج عرفي مغطى تحت مظلة المسيار لجذب الراغبين في مثل هذه الزيجات السريعة، حيث إن المرأة تتزوج بموافقة وليها بأكثر من رجل، عن طريق عقد نكاح بشهادة اثنين ويسجل على ورقة عادية دون حضور مأذون شرعي. المأذون الشرعي علي الغامدي يذكر أن زواج المواطن من أجنبية والعكس لا يمكن عقده إلا في المحكمة الجزائية والأنكحة المعروفة حاليا في محكمة الأحوال الشخصية، ولا يسمح للمأذون الشرعي عقد النكاح إلا بين مواطن ومواطنة فقط وفق الشروط المعروفة. 4 رجال بالتناوب من القضايا التي تداولتها المحاكم تقديم زوج عربي دعوى قضائية ضد زوجته واتهامها بالزواج عليه وهي مازالت في عصمته. وطالب المحكمة بإبطال الزواج الثاني وتعزيرها وزوجها تحت تهمة و واقعة الزنا، وقدمت الزوجة شهادة زواجها من الثاني مع شهادة تفيد بطلاقها غيابيا. ورفض الزوج الشهادة وطعن فيها نافيا تطليقها. وشهدت المحكمة الجزائية تفاصيل قضية امرأة آسيوية تزوجت أربعة رجال في شهر واحد، وكانت تمضي أسبوعا عند كل زوج ثم تحصل على الطلاق، وتتزوج في اليوم التالي دون قضاء فترة العدة إضافة إلى عدم اتباع الأنظمة في تسجيل أو توثيق الزواج. شقة الحرام ومن قصص المحاكم قضية عصابة تقودها امرأة مقيمة في الأربعين من عمرها ومعها عدد من الرجال والنساء وطالبت هيئة التحقيق والادعاء العام بمحاكمتهم وإيقاع عقوبة تعزيرية رادعة بحقهم بتهمة تشكيل مجموعة تعمل على تسهيل لقاءات للرجال مع النساء تحت مسمى (زواج المتعة) واتخذوا شقة في وسط جدة لممارسة أفعالهم وطالب المدعي العام بإثبات ما أسند إلى أفراد المجموعة وتعزيرهم شرعا، وكانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبضت على الامرأة إثر كمين بعد وصول معلومات عن تورط الامرأة في تسهيل لقاءات محرمة بين شباب وفتيات تحت اسم زواج المتعة بدون أركان العقد الشرعي من ولي ومأذون وشهود وقبول وإيجاب وتم القبض على الامرأة ومعها 3 إندونيسيات وشاب وتم إحالتهم جميعا للمحكمة بعد استكمال التحقيق معهم. شبكة سمير وشيخ طبقا للمعلومات التي رصدتها «عكاظ» فإن آسيويات يتزوجن عدة مرات من خلال أشخاص من بني جلدتهن أشهرهم شخص يدعى سمير وآخر يدعى شيخ وفق إفادات بعضهن أمام المحاكم ويتم عقد النكاح دون توثيق ودون ولي أمر وبشاهدين، وتكون العصمة في أحوال كثيرة بيد المرأة، فتطلق نفسها وقت ما تشاء وتتزوج مرة أخرى، وبعضهن يتزوجن وهن في عصمة رجال، فضلا عن وجود عصابات صدرت بحقها أحكام تبين أنها تسهل للمتعة المحرمة تحت غطاء الزواج المسيار بشكل مخالف للشرع الأمر الذي يستوجب العقوبة. وتشير المعلومات إلى أن موسم التزاوج يزيد في شهر محرم على اعتبار أن بعض الآسيويات يتزوجن عقب فريضة الحج. شروط النكاح شددت مصادر عدلية أن وزارة العدل أكدت على أن كل محكمة أو مأذون يحرر عقد زواج فإنه يجب أن يكون مستكملا لشروطه الشرعية، ومنها حضور وموافقة ولي الأمر وشهادة الشهود، ويتم إصدار عقود الزواج فوريا أمام القاضي عقب انتهاء الطلب والإيجاب الشرعي. وأكدت مصادر في محاكم الأحوال الشخصية أن أي مطلقة تتزوج يشترط عليها أن تقدم صك طلاقها الأصل ليتم التهميش عليه وسحبه منها إضافة لبقية الشروط. وفي شأن ذي صلة أصدرت المحكمة الجزائية حكما بسجن امرأة (متزوجة) مسيارا من زوجين في آن واحد 3 سنوات وجلدها 500 جلدة على إثر ارتباطها بزوجها الثاني مسيارا بالرغم من عدم طلاقها من زوج المسيار الأول. يعاشر طليقته وعلى النقيض، فإن زوجا تجري محاكمته بتهمة أنه طلق زوجته دون علمها ثم عاشرها، حيث تسلمت المحكمة دعوى أقامتها المرأة تطلب فيها معاقبة زوجها على الوجه الشرعي بتهمة «معاشرتها» عقب طلاقها دون علمها، وذكرت الزوجة في دعواها أنها كانت على خلاف من حين إلى آخر مع زوجها، وفي إحدى المرات وبعد مشادة بينهما أبلغها زوجها أنه طلقها وأن صك طلاقها موجود في المحكمة وعليها أن تذهب لاستلامه ثم غادر المنزل، وأضافت في لائحة الدعوى أنها ذهبت في اليوم التالي إلى المحكمة للحصول على صك طلاقها ففوجئت أن تاريخ طلاقها كان قبل نحو 3 أشهر وكان طلاقا بائنا بينونة كبرى ولا تجوز له حتى تنكح زوجا غيره، وأن زوجها لم يبلغها بالطلاق بتاتا وأنه ظل يعاشرها معاشرة الزوج لزوجته دون أن تعلم أن زوجها قد طلقها. المحامي والمستشار القانوني محمد بن مناع المؤنس ذكر أنه في حال صحة ما تدعيه الزوجة من أن وزوجها طلقها منذ أشهر دون أن يخبرها وعاشرها خلال تلك الفترة، فإن ما حدث من الزوج يعد استهزاء بأحكام الشرع ومخالفة الأمر الإلهي ويقول أهل العلم : أن الشريعة جعلت حق الطلاق بيد الزوج، كما جعلت حق الفسخ بيد الزوجة، وبالتالي فإذا طلق الرجل زوجته عند فساد العِشرة بينهما طلقة أولى أو ثانية، فهذه الأولى والثانية تعتبر طلقة رجعية ولا يجب عليه وجوبا عينيا أن يخبرها إلا بعد انقضاء عدتها بثلاثة أشهر، وأما قبل ذلك، فإن إخباره إياها يكون دائرا مع المصلحة، فقد يكون مستحبا أو مباحا أو يكون واجبا إذا كان في حال خوف من سفر أو مرض أو نحو ذلك، فإذا طلق الرجل زوجته الطلقة الأولى أو الثانية الرجعية ولم يخبرها، ثم جامعها في العدة، فجماعه لها بمثابة إرجاعها، أما إذا طلقها الطلقة الثالثة وجامعها في عدتها، فهذا لا بد فيه من الرجوع للقضاء، لأجل التحقق من الطلقتين الأولى والثانية وحالة المرأة في الطلقة الأولى والثانية والثالثة، لأن الطلاق إذا صار ثلاثا، فإنها لا ترجع لا بجماع ولا بعقد جديد حتى تنكح المرأة زوجا غيره. أعمال منافية عمدة الصحيفة والعمارية منصور العقيل يقول: إن الكثير من الخادمات والسائقين يقومون بتزويج أنفسهم بأنفسهم خاصة ممن يتخلفون عن العمرة والحج، فتجد بعض السائقين برفقة امرأة في كل فترة وأخرى مدعيا أنه زوجته، وعندما تسأله عن الإثبات لا يجيب، وحذر العقيل من خطورة الوضع كونه يشجع على الأعمال المنافية والمخالف للشريعة، وقال إن وجود نحو مليون خادمة من شرق آسيا يحتاج إلى متخصصين يشرحون تبعات هؤلاء ومشكلاتهم وطرق التقائهم وحياتهم. تربّح وإشباع الدكتور حسن سفر أستاذ نظام الحكم والقضاء وعضو مجمع الفقه الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي والمأذون الشرعي في جدة يرى أن مثل هذه الزواجات باطلة شرعا، ووصف الظاهرة بأنها سيئة تهدف إلى التكسب المادي وإشباع الشهوات، وقال إن الجهات المختصة عليها واجب التصدي لمثل هذه الأمور كونها تنتج أمراض في المجتمع إضافة إلى الفساد الأخلاقي. الجمع محرم عضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقا المحامي والمستشار القانوني صالح الغامدي، قال: إن جمع المرأة لأكثر من رجل محرم لا خلاف في حرمته وهذا بإجماع المسلمين، ولا شك أن جمع المرأة لأكثر من رجل فيه مفاسد ورذائل، وهو فعل محرم معاقب عليه شرعا بعقوبة تصل إلى تطبيق الحد الشرعي، وقال: إن الزواج الصحيح شرعا هو ما اجتمعت فيه شروط الصحة وانتفت عنه موانعها، وطالب الغامدي من مؤسسات المجتمع المدني والجهات الأكاديمية ضرورة تتبع مثل هذه الحالات ودراستها ومعرفة الأسباب وإيجاد الحلول. وفي رأي المحامي والقانوني سعد مسفر المالكي، أن التجاوزات التي ترتكب من بعض الخدم بشأن ما يتعلق بالزواج المتكرر دون عدة أو الجمع بين رجلين أو عدم توثيق الزواج نظاميا تعد من الجرائم الموجبة للعقاب، وحذر من التهاون في ذلك. وقالت الدكتورة رفعة المطيري أخصائية السلوك، إنه يجب دراسة هذه الحالات وتشريحها ومعرفة الأسباب وهل هي عن جهل أم تهاون أم معلومات خاطئة أم ثقافة وافدة، والعمل على تخليص المجتمع من تبعات مثل هذا الحالات.