الظواهر السياسية يصعب فيها الحديث عن دافع واحد، وهدف واحد، وفاعل واحد، وإنما تتعدد الدوافع، وتتعدد الأهداف، ويكثر الفاعلون، ولابد كي تتم قراءة الوضع في مالي من تتبع السياقات الداخلية والإقليمية والدولية. فجذور المشكلة ترجع إلى الطوارق من شعب الأمازيع(وكلمة أمازيع تعني الأبيض) وهم من أصول غير أفريقية، بيض البشرة، يتحدثون اللغة الأمازيغية، مسلمون سنة على المذهب المالكي، إلا أنه ينتشر بينهم السحر الأسود والكهانة والشعوذة. يشغلون مساحة جغرافية متصلة تبدأ من جنوب مصر (وادي حلفا) وغرب ليبيا وتونس، وجنوبالجزائر، والنيجر وشمال مالي وبوركينا فاسو. ومع اتصال الرقعة الجغرافية التي يعيشون عليها إلا أنهم مقسمون على عدد من الدول، حالهم كحال شعب الصومال (مقسم في الصومال وأثيوبيا، وكما الأكراد، وهذا التقسيم سببه تقسيم المستعمر لبلاد المسلمين. قاوم الطوارق المحتل الفرنسي ثم خضعوا له، وبعد رحيله قسمت أرضهم على عدد من الدول، وكان تمركزهم الأكبر في "مالي"،و "النيجر"، و"بوركينا فاسوا"، ولم تندمج هذه الشعوب فيما جاورها ممن يخالطونهم من الشعوب؛ وبسبب سوء الحالة الاقتصادية والاضطهاد السياسي وموجات الجفاف اضطربت أوضاعهم في البلدان التي خضعوا لها، ونشبت بينهم وبين الحكومات صراعات أدت إلى اتخاذا إجراءات متفاوتة في حقهم، فمن توطينهم بعد صراع في مالي، إلى عدم توطينهم كما في النيجر إلى فرض الأحكام العرفية عليهم وإقصائهم في جنوب البلاد والاستيلاء على الثروات البترولية التي نشأت في بلدانهم كما الجزائر. وهوية الطوارق ليست إسلامية خالصة، وإنما بينهم مجاهدون ويبرزون في مقدمة الأحداث الحالية، ولذا نتحدث عن مطالب الأمة الطوارقية ومطالبهم السياسية تنحصر بين : المطالبة بتحسين الأوضاع السياسية داخل البلد الذي يسكنون فيه، وقد قاتلوا من أجل ذلك في النيجر ومالي، وانتهى الأمر بسيطرتهم على جزء (الأزواد) في شمال مالي واستقلوا به، المطالبة بوطن كبير يجمع شتاتهم في البلدان. "صفحة الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين"