الجزائر، باماكو، باريس - أ ف ب، رويترز - وقع المجلس العسكري الحاكم في مالي منذ الانقلاب الذي اطاح الرئيس امادو توماني توري في 22 آذار (مارس) الماضي «اتفاق اطار» مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) ينص على تسليم السلطة الى رئيس موقت وحكومة انتقالية، في مقابل حصولهم على عفو عام. وقال وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسوليه الناطق باسم المجموعة التي هددت باستخدام القوة لحماية وحدة وسلامة اراضي مالي بعد اعلان متمردين طوارق استقلال اقليم ازواد (شمال): «توصلنا الى اتفاق سيسمح خلال الساعات والأيام المقبلة بالعودة الى المؤسسات الدستورية وعملها في شكل طبيعي». وزاد من مقر الانقلابيين في كاتي قرب باماكو، بعد ان تلا قائد المجلس العسكري الكابتن امادو سانوغو النص الكامل «لاتفاق الإطار»، والذي قضى بتعيين رئيس البرلمان ديونكوندا تراوري رئيساً لمرحلة انتقالية ستشهد تنظيم انتخابات رئاسية «في انحاء البلاد» خلال 40 يوماً: «سترفع ايكواس فوراً العقوبات التي فرضتها على مالي»، في اشارة الى اغلاق الحدود وتعليق حساب هذا البلد في البنك المركزي الإقليمي، وحظر سفر اعضاء المجلس العسكري وتجميد أرصدتهم. وطالبت مجموعة غرب افريقيا ايضاً بحماية الرئيس المخلوع توري، ومنحه حرية اختيار مقر اقامته «بعد تقديم استقالته رسمياً»، فيما لم يحدد الاتفاق متى سيتقاعد الكابتن سانغو للسماح لرئيس البرلمان بأداء اليمين. وفيما يصعب معرفة الموعد الذي يمكن فيه اجراء انتخابات بعدما اعلن متمردو الطوارق استقلال «دولة ازواد» التي سيطروا عليها اثناء انشغال العاصمة باماكو بالانقلاب، يخوض جيران مالي تحدياً كبيراً في ظل تخوفهم من ان يشجع انشاء الطوارق دولتهم الجديدة التي يحلمون بها منذ عام 1960، الانفصاليين في مناطق اخرى. واضافة الى ذلك، يثير وجود اسلاميين متطرفين ذوي صلة بتنظيم «القاعدة» داخل صفوف التمرد الشمالي، مخاوف اوسع من ظهور دولة «مارقة» جديدة تهدد الأمن العالمي. وقال رئيس الوزراء الجزائري احمد او يحيى ان بلاده لا يمكن ان تقبل بتقسيم مالي، محذراً من ان اي تدخل اجنبي «لن يؤدي الا الى تدهور الوضع». وكذلك، رفضت موريتانيا المجاورة لمالي التقسيم على غرار الطوارق في النيجر والذين نفذوا حركات سابقة في التسعينات من القرن العشرين والعقد الأول من الألفية الثالثة. وأفاد بيان لقادة الطوارق في النيجر وقعه ريسا آغ بولا الذي اعتبر احد اهم شخصيات حركات تمرد الطوارق في هذا البلد وأصبح مستشاراً للرئيس محمدو ايسوفو: «هذا التصرف خارج عن المألوف، لذا ندعو اخواننا في مالي الى التعقل والتوصل الى حل في اطار دولة مالي الموحدة». وتجتمع القيادة العسكرية الموحدة لهيئات اركان جيوش دول الساحل (الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا) في نواكشوط اليوم لبحث الوضع في مالي. وأعلنت فرنسا، الدولة المستعمرة لمالي سابقاً، ان الأمر متروك لجيران مالي كي يحددوا امكان اجراء محادثات مع انفصاليي «جبهة تحرير ازواد» تهدف الى منحهم حكماً ذاتياً وليس الاستقلال. وأكد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه ان حكومة الاتحاد الوطني المقبلة في مالي تستطيع الاعتماد على فرنسا من اجل العمل لتعزيز الدولة المالية والبحث عن حل سياسي لمشاكل شمال مالي»، داعياً الى «تطبيق سريع» لاتفاق الخروج من الأزمة الذي وقعته المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي والمجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا». الديبلوماسيون الجزائريون الى ذلك، كشف مصدر جزائري ان جماعة «عبد الحميد أبو زيد» المتشددة تقف وراء خطف قنصل الجزائر، بوعلام سايس، وستة من مساعديه في مدينة غاو شمال مالي. واستند المصدر الى معلومات وفرها خبراء ومحققون أمنيون أوفدتهم الجزائر الى مالي للمشاركة في التحقيق في عملية الخطف، وأفادت بأن آغ أمنوكال احد أمراء عرب النيجر يقود المجموعة الخاطفة المرتبطة مباشرة بكتيبة «طارق بن زياد» التي يتزعمها محمد غدير المتحدر من منطقة الدبداب بولاية إليزي جنوب شرقي الجزائر. وتوصل المحققون إلى أن الخاطفين لا يستطعون الخروج من ثلاث مناطق يعرفون طبيعتها الجغرافية، هي وادي زراك على الحدود المالية النيجيرية ومنطقة صحراء غاو غرب ميناكا أو منطقة تاليلي وهي واد صعب المسالك.