البيت الشعري ليس بيتاً نستخدم في إنشائه المطرقة والسندان وللمبدع الحقيقي شعرا أونثرا خط سير مستقلا يميزه عن غيره فهو يعيش في زمرة موهوبين ولكنك تراه يطير منفرداً عندما يحوم في فضائه الخاص. من هنا يتضح ان الشاعر او الشاعرة هم افراد من كوكبة مترامية من الموهوبين والذين كثروا في عصرنا الحالي وظهروا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومنتديات المواقع الشعبية والقنوات الربحية بعد ان كان ظهور الموهوبين يقتصر على عدد محدود من المنشورات الشعبية ويخضع طرحهم لمبدأ (الظهور للأجمل والأصدق والأكمل). ولكي نعود بهذا الجيل الواعد الى مصاف نخبة كتاب ومتذوقي الشعر ومحبيه الحقيقيين يجب ان نقف بالمرصاد لكل غث منه والشعر الغث نعني به ذلك النص الموزون المقفى لكنه خال من اهم مقومات الشعر الحقيقي وهي صدق العاطفه والشعور ولان الشعر في ادق تعاريفه يقال عنه :(ألفاظ موزونة ومقفاة، فيها حلاوة وعليها طلاوة، عذبة المنهل حلوةُ المستهل، تعبّر عن معنى قائمٍ في النفس، وشعور صادقِ الحسّ، تستهوي الآذان وتشغف الوجدان، وتنور السامعَ بالحكمة البالغة والأدب الرفيع). كان لزاماً على رواد الشعر والمهتمين به أن لا يقبلوا الا النص المتقد عاطفة والمشبع بالأحاسيس التي تنطق بها الاحرف ويجب ان لا يقبل النص ويقال عنه شعرا والا يقال للشاعر شاعرا الا اذا استطاع ان يجعل مستمعيه يعيشون معه تلك الحاله الفريدة التي عاشها وهو يصوغ تلك القصيدة وليس يصنعها ولكي يصل بنا الى ذلك لا بد ان يقدم لنا نصاً حساساً صادقاً مستساغاً رطباً ندياً عذباً كالماء الزلال. وهذا لا يعني ان نبني حكمنا على النص الجيد على مفهوم الصدق المطلق في الشعور المكتوب لانه لا يمكن ان يكون الشعر مكتملا للجمال ما لم يخالطه شيء من الخيال الشعري الأقرب في تفاصيله من الواقع والأبعد ما يكون عن المبالغه المرفوضة عقلاً، فكلما كان الخيال المصاحب لجماليات النص المشبع بصدق العاطفة كلما كان النص اكثر تأثيراً في المستمع واقرب الى نفسه، فعندما يجتمع الخيال المقبول مع صدق العاطفة والشعور يولد نص شعري غير عادي وغير قائم على اسس المعنى والمبنى المقبولين فقط وبذلك ينطبق عليه قول احمد فارس الشدياق: سبحان من جعل الشعور شعارهُ = ولكم ترى من شاعرٍ لا يشعرُ ويقول حسان بن ثابت في هذا الشأن: وإنما الشعر لب المرءِ يعرضهُ = على المجالسِ إن كيساً وإنْ حُمُقا وإن أشعرَ بيتٍ أنتَ قائلهُ = بيتٌ يُقالُ إذا أنشدتَهُ صدقا