أساطير الأولين، والخيال واليقين، في تراث زهران وغامد (منطقة الباحة) وضمن مرويات تحكي لحقبة من الزمن تقاربت حيناً وتباعدت حيناً آخر لكنها كانت حافلة بالاثارة والحيوية وحرارة المكان والانسان والقضايا التي لامستها. وفي هذا السياق أصدر الاستاذ " محمد بن زيّاد الزهراني "عضو النادي الأدبي بالباحة كتاب "أساطير الأولين بين الخيال واليقين" ضمن إصدارات النادي الأدبي بمنطقة الباحة لعام 2012 وذلك في 133 صفحة من القطع المتوسط، وطباعة دار الانتشار العربي في بيروت، حيث تضمن الإصدار 30 حكاية. ويقول المؤلف محمد بن زياد الزهراني إن كتابه هذا تضمن رويات من تراث زهران وغامد " منطقة الباحة" موضحاً ان المنطقة كغيرها من مناطق السعودية غنية بهذا اللون من التراث الثقافي ، يحكيه الأجداد للأولاد والأحفاد، وهي و إن كان أغلبها يحمل ملامح من بعض الخوف والتخويف والخيال الواسع والبعد عن الحقيقة، إلا أنها لا تخلو من جوانب ايجابية لما فيه ذلك من تحذير من أعمال المخاطرة في ارتياد الآماكن غير الآمنة. ويضيف المؤلف قائلا: إلاّ أنها عامل مهم في تنمية روح المقاومة، والتصدي للأشياء الغربية، ومقاوت الجن والأشباح والسعالي ونمنم ، مع الدعوة الى الكرم كفضيلة مطلوبة، وإلى التسلح بعفة النفس والتسامح، وتجنب الظلم. ومن خلال تأمل الحكايات الكتاب ال30 نجد أنها قد تميزت بالنفس القصير، وهذا مما يحبذه الصغار الذين لا يميليون الى المطولات لطبيعة مرحلتهم العمرية التي تألف فقط الحكايات القصيرة، إلى جانب أن المؤلف قد غاص في حكايات وروايات المنطقة بحثا وتفتيشا عن المناسب منها للنشر، وكان موفقاً في سرد كل "روايا" الكتاب بأسلوب سهل العبارة وفي لغة قريبة من فهم من يقرأ وخاصة جيل الشباب وما حول هذا العمر، وحاول كثيراً أن يورد كل الألفاظ على سياقها الأصلي، ثم قام في الهوامش بشرح معناها اللغوي ، أو التعريف به.فالمؤلف مثلاً يشرح لفظة "الكير" بأنها بكسر الكاف مكان النار الذي يحمي عليها صانع الادوات الزراعية الحديد، ويشرح معنى الذي يحمي عليها صانع الأدوات الزراعية الحديد، ويشرح معنى "الملّة" بفتح الميم وباللام المشددة المفتوحة المكان الذي توقد فيه النار في المنزل، ويوض معنى "الحُدياّ" بأنها هي طائر الحدأة، و"أبو الحصين" هو الثعلب، و"البريهة" هي الأرنب، و"الجعيرة" بأنها الضبع ، "الديوس" جمع ديس وهو الثدي .... الخ.وتتجلى سعة الخيال في الروايات التي جاءت في كتاب الزهراني في عدة حكايات ضمن الاصدار، ولعل من بينها "رواية - الضحية" عن حكاية رجل كانت له أخت لكن زوجته كان قاسية معها، فكادت لها الزوجة وقدمت لها طعام أفطار فيه بيض الحُديّا والغراب والحيّة فانتفخ بطن الأخت، إلى أن انتفح بطنها فاخرجت مافيه فكان فروخ حُديّا وغراب وحيه، وقامت الأخت وهي في كهف بعيد تربيهم كأنهم أولاد لها غلى أن كبروا فانتقموا ل "أمهم" من الزوجة الماكرة. وهذه الحكاية وأن كانت اسطورية إلاّ أنها ذات خيال واسع من نوع اللامعقول، الذي يشد الأطفال خصوصاً، وكما أوضح المؤلف أن تلك الحكايات كان الأجداد والجدات في منطقة الباحة كغيرها من المناطق يروونها للأحفاد قبل النوم في لحظات حميمية أسرية مليئة بالسعادة قبل عصر التلفاز وأفلام الكارتون.