حينما يكون الحديث عن الطفولة فهو حديث ذو شجون ونغم متناسق يحمل بجعبته طعم السكر ليذوب تدريجيا بتلك التفاصيل الصغيرة التي احتفظنا بها فما زلنا حينما تعصف بنا الذكرى نتذوق حلاوتها كأول مرة. انا من جيل الطيبين ذلك الجيل الذي كان يستبشر بأشياء جميلة وصغيرة اصبح ينظر اليها هذا الجيل بازدراء وتعجب ليسأل نفسه كيف كنا نستمتع بتلك الاشياء , وكيف له ان يعيش لو كان في زمننا ذلك الزمن الغابر برأيه . وبالنسبة لنا يا جيل الطيبين فان لنا رؤية مختلفة عن هذا الجيل فبحق اشفق عليه وبشدة فلم يستمتع بلحظات الطفولة كما ينبغي ان تكون فالتقنية غزتهم وأذابت امنياتهم الصغيرة وذلك الطفل كبرت امنياته وهو لم يبلغ العاشرة بعد . اتذكر حينما كنا اطفالا كانت تستهوينا الاقلام البراقة والمسطرة المتعرجة والطوابع التي تحمل زهرة جانبية لندون بها اسماءنا بزهو في اعلى كراس لنا وكانت رحلة المكتبة تعتبر من اجمل الرحلات حيث يحظى بها موفور الحظ ومن أحسن الصنع وامتثل لأوامر والديه فتكون له رحلة للمكتبة ليختار قلم يحمل ريشة يحركها اثناء الكتابة او دفتر صغير ملون لتدون به ملاحظاتك وغالبا لا يكون به إلا خربشات او ارقام صديقات خزنت به او رسمة لم تكتمل بعد . منذ عدة اسابيع كنت في حديث اخوتي وزميلاتي في العمل عن تلك الايام الجميلة ايام طفولتنا مرحلة الابتدائي فكانت كل واحدة منا تتذكر تلك التفاصيل وعيناها ترسل بريقا وشفتيها ترسم ابتسامة رضا وكأنها تتذوق طعم الفرح للوهلة الاولى لحصولها على ما حصلت عليه في تلك الفترة بحق جميعنا لدينا كنز من الذكريات التي نتذوق جمالها لليوم . لكن اطفال هذا الجيل ذكرياتهم الكترونيه ( الايباد والايبود بالإضافة الى وسائل الاتصال التي اصبحت ضرورة من ضروريات الطفولة ,اتذكر اول جوال حصلت عليه كنت حينها في اواخر المرحلة الجامعية وكان من مكافأتي الجامعية الخاصة وقبلها كان معي بيجر لضرورة التواصل مع الزميلات ومازلت احتفظ به الى وقتنا الحاضر للذكرى لم استطع ان اتخلص من جزء من ماضي.امنيات هذا الجيل اجهزة فلو احضرت لهم قلماً كأقلامنا التي كنا نفرح بها ونتباهى بها امام اقراننا لرمقوك بنظرة وكأنك اتيت من زمنا عتيق. همسة ربما انسب حل ليفرح هذا الجيل بحق بطفولته وليعي طعم الهدية بكبر سنه وبتحقيق انجاز ألا نبالغ بإغراقهم بالتقنية وألا ننسى مرحلتهم العمرية ونحضر ما يناسبهم حتى يكون لهم كم من الذكريات لا يتلاشى مع ميموري التقنية . ودمتم بخير .