تأتي لحظات الذكريات والحنين فجأة دون سابق إنذار.. فيسبح الإنسان في مواقف الطفولة ورأسه ينظر للأعلى بابتسامة صادقة وعيناه تغرغران بدمعٍ خفيف وكأنه يستمتع بمشاهدة فيلم قصير .. إن تلك الذكريات العابرة ماهي إلا جزء من الماضي الذي لا يمكن أن يعود يوماً، ذكريات مع أشخاص قد يكون فرّقهم الموت أو فرقتهم الدنيا بأسبابها وظروفها الصعبة .. دائماً تكون أجمل الذكريات هي ذكريات الطفولة .. التي كانت تجمع بين سخرية الحياة من عقولنا الصغيرة وبين أحلامنا العريضة ..دائماً تعود بك الى حيث البراءة والي حيث الجمال في صفاءِ نفوس الأطفال وأكبر همومهم البسيطة... مشاهد كثيرة .. في الحي والمدرسة ..في الرحلات العائلية الممتعة .. في كل زاوية من زوايا عقلك وروحك وجسدك .. ارتباط وثيق بتلك المشاهد وتكوينها لشخصياتنا .. وتأثيرها العجيب في نفس كل إنسان حتى وإن كان سيئاً و يفتقر لجزء من إنسانيته الا أن ذكريات طفولته تُعيد إليه إنسانيتة التي افتقدها .. تلك الذكريات بحلوها ومرّها للجميع هي ذات طعم واحد في مختلف الأجيال فلا للزمان ولا للمكان علاقة بلذتها ولكن بالتأكيد للعمر علاقة بسرها فكلما تقدم الإنسان بالعمر يكون لأيام الطفولة قيمة أكبر وشغف في استعادتها بل والبحث عن نفس أولئك الأشخاص الذين شاركوه تلك الأيام حتى يصبحوا كفرقة موسيقية محترفة يعزفون سمفونية راقية يستمتعون جميعهم بالإصغاء لها والغوص في تفاصيلها .. إن ذكريات الطفولة مهما كانت صعبة أو مؤلمة بالنسبة لبعض الأشخاص إلا أن لها نكهة خاصة وشعوراً جميلاً عند استرجاعها لشريط الذاكرة، لها إلهام رائع في الإبداع ومقدرة غريبة على بعث الأمل في نفس الإنسان ..فبعد كل عودة لأيام الطفولة تجدك لا شعورياً تأخذ نفساً عميقاً يبث فيك الحياة من جديد ويجدد فيك النشاط للوصول لتلك الأحلام الطفولية الكبيرة ويأصل فيك الأمل الخارق والإيمان المطلق بأن كل ماهو صغير مع الجهد والعمل سيأتي اليوم الذي سيصبح فيه كبيراً .