تتلخص مشاعر الإنسان بين حب وكره وتتدرج إلى مستويات قد يصل بعضها إلى الجنون والبعض الآخر إلى أقصى درجات العنف والعداء، ولو تأملنا واقعنا لاكتشفنا أننا نعيش على هاتين الكلمتين الحب والكره، فنحن نحب أهلنا، نحب طعاماً معيناً، نحب قهوة دون أخرى، نحب أصدقاءنا وربما بيوتنا وغرفنا، وما نشتريه من مقتنيات لم نشترها إلا لحبنا لها. في المقابل ما هي الأمور التي نكرهها، نكره الظلم، نكره النميمة والحسد والحقد، نكره أولئك الناس الذين لا يعرفون كيف يتحاورون، وأولئك الذين يهاجمون قبل أن يفهمون، وأولئك الذين ينافقون ويُوشون ويسعون لتشويه سمعة الآخرين، أولئك الذين يدعون أنهم يفهمون وهم لا يفهمون، أولئك الذين يتصيدون الأخطاء، ويعايرون الناس بأصولهم وأسمائهم ويعتقدون أنهم فوق الخلق ونسوا أن نهايتهم في قماش أبيض وقبر عميق يتساوون فيه مع الفقير وباقي الجنسيات ومختلف الأصول . ونكره خوفنا ودموعنا وضعفنا ونكره كل ما يحول بيننا وبين سعادتنا واستقرار حياتنا. قد يكون الحب معقولاً ويتدرج أحياناً ليصل حد الجنون الذي يجعلنا نرتكب أخطاء في حق أنفسنا، فنقبل الذل والمهانة، ونقدم تنازلات كثيرة ونعتصر ألماً ونحن نعتقد أن ذلك هو الحب، في الوجه الآخر قد يكره البعض لدرجة القتل وإلحاق الأذى بغيرهم ولا يترددون في إلصاق التهم لهم أو العبث في أمن واستقرار حياتهم مجردين من الأحاسيس والشعور بالذنب فهم قبل أن يصلوا لهذه المرحلة من الكره، قتلوا ضمائرهم وتحولوا لكائنات الغاب. من أصعب الأمور الإنسانية التحكم في مشاعرنا وضبط انفعالاتنا، ولكن علينا أن نبذل جهدا مضاعفاً للتحكم في مشاعرنا حتى لا نعيش مجردين من الأحاسيس الطيبة واللطيفة وأن لا نبالغ في مشاعر الكره التي تقتل فينا إنسانيتنا تجاه الآخرين، فكما سَنَظلمُ ونؤذي أحدهم يوماً سَيَظلمنَا من هو أقوى منا فهناك رب العباد العالِم بالأسرار وبكل خفايا النفوس، فصفُّوا نفوسكم ولا تنسوا أن الله يراقبنا، ولا تكرهوا أحدا لدرجة العداء وإلحاق الضرر، فربما جمعتكم الأقدار في ظروف واحدة لم تحسبوا لها حساباً ولم تضعوا لأنفسكم خط رجعة تجمّل صورتكم أمام الآخرين. أجمل ما في الحياة الحب، فحبوا كل ما حولكم وأبدأوا بحب أنفسكم لتتمكنوا من قبول الآخرين واجعلوا قلوبكم عامرة بالإيمان والتسامح والقناعة، فالله من يتحكم في أقدارنا ورزقنا وليس البشر.