المفاوضات السلمية بين بغداد وإدارة اقليم كردستان العراق معرضة للفشل بعد النوبة القلبية التي أصيب بها الوسيط الأساسي بين الطرفين، الرئيس العراقي جلال الطالباني. ومن ناحية أخرى سيكون من الصعب للغاية على الشركات الروسية وغيرها من الشركات الأجنبية تنفيذ خططها الخاصة باستثمار حقول النفط في هذا البلد. وتجدر الإشارة إلى أن الطالباني أدخل المستشفى في حالة حرجة بعد إصابته بنوبة قلبية. وقد تزامن ذلك مع خبر عن التوصل عبر وساطته إلى اتفاق بين بغداد والأكراد لسحب قوات الطرفين من منطقة النزاع. حاول الرئيس العراق طيلة السنوات الأخيرة تسوية النزاع الذي طال أمده بين السلطة الفدرالية وسلطة الحكم الذاتي في كردستان العراق. من جهتهم لا يقتصر زعماء الإقليم الكردي في مطالبهم على حق التصرف بثروات إقليمهم النفطية ، بل ويسعون للسيطرة على محافظة كركوك التي تسكنها أكثرية كردية، ولكنها تخضع مباشرة لبغداد. في حديث مع الصحيفة يقول الأستاذ في جامعة السليمانية دلير حماد أحمد إن العملية السلمية الآن معلقة في الهواء، فالمجموعات المسلحة لا تزال تقف في مواجهة بعضها البعض. إن الوضع يثير قلق شركات النفط الأجنبية التي تتضمن خططها توسيع استثمار الحقول في كركوك أيضا. تعمل في كردستان العراق اليوم بنشاط شركات "غازبروم نفط" الروسية، و"إيكسون موبيل" و "غولف كيستون بيتروليوم" الأمريكيتان، و "توتال" الفرنسية. وتشمل خطط هذه الشركات مواصلة استثمار حقول النفط في كركوك. ونظراً للفوضى الإدارية في العراق ليس ثمة أرقام دقيقة عن احتياطي النفط في هذه المحافظة. إن كردستان العراق والمحافظات المتاخمة له تنتج 60% من النفط المستخرج في العراق، علما بأن المحافظات المذكورة تقع شكلياً تحت إدارة بغداد من الناحية القانونية، غير أنها عملياً تحت سيطرة سلطات أربيل. عمل الطالباني أيضاً على تسوية النزاع المتعلق بالروس العاملين في كردستان، ففي تشرين الثاني / نوفمبر الماضي ذكرت وسائل الإعلام أن نائب رئيس الحكومة العراقية حسين الشهرستاني طالب شركة "غازبروم نفط " الاختيار بين فسخ عقودها مع كردستان أو الانسحاب من حقول "بدرة" في جنوب العراق. وبالرغم من أن "غازبرزم" لم تعلق على ذلك، فإن بغداد بغياب الطالباني قد تعيد النظر بالعقود الروسية، وفي هذه الحال ستحاول شركة "شل" وغيرها من الشركات الغربية إزاحة منافسيها الروس، كما يؤكد الخبير في مركز الأمن الدولي فلاديمير سوتنيكوف. ونعيد إلى الأذهان أن "غازبروم نفط" وقعت مع الحكومة الكردية في أربيل اتفاقيتين حول تقاسم منتوج الحقلين اللذين تعمل فيهما. كما أن الآمال كبيرة بتوقيع عقود جديدة. وتفيد المعلومات أن النفط يتدفق من ثلاث آبار، من اصل أربعة تم حفرها هنا. يقول فلاديمير إيساييفكبير الباحثين العلميين في معهد الاستشرق الروسي إن كردستان العراق استقل أكثر في عهد الطالباني، فللأكراد خطوطهم الجوية مع العالم، ويمارسون التجارة بصورة مستقلة، الأمر الذي تعتبره بغداد تهريباً. ويضيف الخبير الروسي أن عمليات استخراج النفط ونقله لن تتضرر إذا ما دبت الفوضى في العراق الآن. ولقد أثبتت التجرية ذلك، فبعد الغزو الأمريكي، لم يتعرض أحد بأذى لأنابيب النفط العراقية بالرغم من النزاعات العديدة التي شهدها هذا البلد.