ان تبلور ورسم خطوط الخارطة الحزبية والسياسية في البلاد استعداداً لانتخابات الكنيست القادمة لا يبشر بالخير، لأن غالبية الأحزاب التي تدور في سماء الأجواء السياسية القديمة منها والجديدة تشبه " الطوز ". هذا " الطوز " عبارة عن حوامات وأعمدة من الرياح المتحركة، لا تطرح في النهاية سوى كميات هائلة من الغبار الذي يسد الأنفاس ويحجب النور والرؤيا، هذا هو حال الأحزاب الصهيونية بكل أطيافها ومركباتها والشرائح والأشخاص الذين تسلقوها، جميعها لا تطرح سوى المزيد من وابل العنصرية والتشدد والإصرار على اللهث وراء رؤوس اليمين بشتى الوانه، سواء كانوا من الحرديم أو من اليمين الفاشي العلماني. القاسم المشترك بينها أنها لا تؤمن بأن حق القوة لا يهزم قوة الحق، كما أنها ترفض السلام العادل مع الفلسطينيين وتدعم الاحتلال والاستيطان،وهي جزء من الإجماع السياسي الإسرائيلي الذي يؤمن بوجوب شد براغي العنصرية حول معاصم ورقاب عرب الداخل، كي يزداد استثناءهم وتهميشهم ومنعهم من حقهم بالمشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات الحاسمة والإستراتيجية التي تصدرها الجهات المسؤولة في الدولة.ان جميع قادة هذه الأحزاب يديرون طواحين معاركهم الإنتخابيه بالدم الفلسطيني، أحزاب لا تؤمن إلا بمبدأ القوة، ظاهرها مدني سياسي يتوشح بالديمقراطية وباطنها عسكري، تدعم جيشاً إنفلاتياً من الجنود والمستوطنين، تستخدمه سيفاً لبسط فكرها، جيش يقتل ولا يقاتل، يكره الفجر والزيتون والليمون وأحلام أطفال الفلسطينيين، يمقت المآذن والحقول، جيش مذعور من أصوات آذان الفجر ومذعور أكثر من أصوات أجراس الكنائس. هذا هو الجوهر الحقيقي الأحزاب الصهيونية في إسرائيل، الخلف أسوأ من السلف،الأيديولوجية الصهيونية التي قامت على هدر حقوق الشعب الفلسطيني واغتصاب أرضه وحريته تنتقل من جيل إلى جيل، ها هم كلا اليئيرين يئير ابن إسحاق شامير الإرهابي المعروف ويئير بن طومي لبيد يحملان ذات الرسالة، دخلا عالم السياسة وهما ينضحان بالعنصرية ومعاداة السلام المبني على العدل.لم يشبع تطرف حزب الليكود غرائز يئير ابن إسحاق شامير، فانضوى تحت لواء حزباً لا حدود لعنصريته وتطرفه وفاشيته، اختار حزب ليبرمان المعروف بعدائه للإنسانية، كما زاد من تشويه وجه إسرائيل العدواني في الخارج والداخل. أما لبيد الابن فقد أطلق شرارته الأولى في معركة الانتخابات من مستوطنه أريئيل وأمام جمع من المستوطنين،هكذا كان يفعل البيض في جنوب أفريقيا في عهد حكومة الابرتهايد. لقد قال هذا العنصري وهو في أوج حماسه في كلمته أمام المستوطنين، انتم الجسر الذي يربط بين الماضي اليهودي والحاضر الصهيوني. اقسم أمامهم بأن إسرائيل لم ولن تعترف بحق العودة للفلسطينيين، ولم تفرط بشبر واحد من تراب القدس العربية وتراب المستوطنات. أما بقية الأحزاب الصهيونية فأنها مستمرة في طريقها ورسالتها المبنية على زرع الألغام في طريق السلام وتصر على يهودية الدولة دون أي اعتبار أو تقدير لمشاعر خمس سكانها العرب، التحالف أو الزواج الدنس غير الشرعي بين الليكود وحزب ليبرمان يعكس وجه إسرائيل الأسود، ويؤكد بأنها عبارة عن جيش أقيم له دولة وأحزاب لأن لغة القوة ولغة القتل هي لغة التخاطب الوحيدة التي تتحدث بها هذه الأحزاب.أما حزب العمل فقد خدع المواطنين العرب في الداخل، وخدع القيادة الفلسطينية بما فيه الكفاية، لم تجد زعيمته شيلي حيموفتش أفضل من مصل الانحراف نحو اليمين أكثر لحقن ما تبقى من حزبها، لعلها تعيد الحياة له بعد أن كان يحتضر. من بين التحديات التي من شأنها خلق الصعوبات أمام الأحزاب العربية هي تدني نسبة الناخبين العرب، أما المشكلة الثانية فهي الصهاينة العرب فهم أكثر خطراً على أحزابنا وقضايانا من الصهاينة اليهود.