خير اللهم اجعله خير , هكذا قال حينما استفاق من نومه مذعوراً , فقام من فوره وتوجه لخزانة الملابس , وبدأ بتفتيش جيوب ثيابه كلها , أخذها ثوباً ثوباً ,جيباً جيباً , ولم يجد أثراً لفلوسه !! فقد عقله , أين ذهبت الفلوس ؟ سمع دوي المواعين في المطبخ فتذكر زوجته , ربما هي من أخذتها , دخل عليها المطبخ وقال : هل أخذتي فلوساً من ثوبي ؟ ردت ولم تكلف نفسها حتى الاستدارة نحوه : فلوس !! أية فلوس ؟ قال : انسرقنا يا هانم وانت نايمة في العسل . صكت وجهها واستدارت ثم هرولت باتجاه شنطتها , فلم تجد كذلك قرشاً داخلها !! ألقت بها وصاحت : فلوسي ,فلوسي . ثم قاما بحملة تفتيش دقيقة لكل شبر في البيت ؛ ولا أثر لأي فلس ، وفجأة وبعد أن أنهكهما البحث سمعا جلبة في ممرات وسلالم العمارة : حرامي , حرامي . فتح الرجل باب شقته , وإذ بجميع جيرانه يصيحون : هناك من سطا على بيتونا , لقد سُرقنا . فخرج هو وكل من في العمارة إلى الشارع , وإذ بكل ساكني الحي والأحياء المجاورة قد تجمعوا وهم يصيحون : فلوسنا سرقت , من سرقنا ؟. لابد أنه يعرفنا جميعاً , بل ويعرف تفاصيل حياتنا , لكن كيف يسرقنا جميعاً في وقت واحد ؟ لابد أنها عصابة منظمة , نعم عصابة منظمة , ثم اتفقوا على أن يذهبوا جميعاً (بربطة المعلم ) لمخفر الشرطة , وحينما اقتربوا من المخفر إذ بكل سكان المدينة قد تجمهروا حوله !! جميعهم بصوت واحد يصيحون أمام المبنى : أغيثونا , لقد سرقت أموالنا , ساعدونا وأعيدوا لنا فلوسنا . وفجأة , خرج لهم رئيس مركز الشرطة وهو يصيح بهم : يا ناس , يا ناس , لقد سرقت , وتبعه الضباط والجنود يصيحون : حتى نحن يا سيدي لم نسلم من السرقة . عمت الفوضى داخل المدينة , حتى أصحاب المحلات والدكاكين والبقالات خرجوا , أين الناس ؟ أين المتسوقون ؟ لا أحد , الجميع عادوا لمنازلهم مطأطئي الرؤوس , يجرون الخيبة والهلع , وحينما أتى موعد إذاعة الأخبار , كان المذيع للتو قد اكتشف أن أمواله هو كذلك قد سرقت , فألقى بأوراق النشرة وضرب بيده على الطاولة التي أمامه وصاح : سيداتي سادتي ,أيها المواطنون , هناك أيد خفية تسللت لجيوبنا وجيوبكم وأخذت كل شيء , وأني أتوجه الآن لهؤلاء اللصوص وأقول لهم : لن تنجوا بفعلتكم ,أعيدوا أموالنا وإلا , ثم مد يده وإذ بها تنفذ من خلال الشاشة حتى أمسكت بتلابيب المشاهد أمامه , وأخذ يهزه بعنف , يهز ويهز , إلى أن استفاق الرجل على وجه زوجته وهي توقظه : خير اللهم اجعله خير . Twitter:@ad_alshihri