لا شك أن للدرجة العلمية مكانتها واحترامها وتقديرها في المجتمعات المتحضرة والأوساط العلمية, ويُعد حامل هذه الدرجة ذا مكانة تخصصية وثقافية ومجتمعية عادة وبشكلٍ عام, ويلحظ على حاملي حرف الدال من كتَّاب الصحافة وضع هذا الحرف الدال على الدرجة العلمية قبل الاسم ومتذيّل المقالة, وهذا حق لا نختلف عليه, ولكن ثمَّة تساؤلاً نطرحه, هل الكتابة المتنوعة والأطروحات الاجتماعية والآراء التنويرية تنطلق من مجال تخصّص صاحب الدال, أم ينطلق من فكره ورؤيته للأمور, حيث يُعد الرأي المتخصص حجة, سيما وأنها وجهة نظر علمية مجتهدة ويحفها الكثير من الصواب حتى وإن اختلفنا معها, وفي حال الانطلاقة من قاعدة فكرية لا تخصصية يعني الاجتهاد كما اجتهاد الإنسان البسيط الذي يعيش في المجتمع, إذ قاعدة الانطلاقة لكليهما فكرية بحتة, ولا للتخصص شأن في ذلك. هذا التساؤل دفعني لطرحه على عدد من كتَّاب الصحافة المثقفين والمفكرين ومنهم من يحمل بالوقت ذاته أعلى الدرجات العلمية, وكان السؤال ما بين اكتفاء البعض بتذييل المقالة بالاسم دون الدرجة العلمية, وما بين تذييل المقالة بالدرجة العلمية, وما مدى أهمية الدرجة من عدمها حين الطرح, وقد تنوعت الآراء والرؤى ووجهات النظر, حيث يقول الكاتب في جريدة الجزيرة عبد العزيز السماري, دكتوراه في المخ والأعصاب: ببساطة لأنني أتكلم في غير الطب ، ولأن ما أتكلم فيه هو في الثقافة العامة،وذلك لا يحتمل إقحام درجة الدال فيه ، واستخدامه فيه تدليس على القارئ،ولو تكلمت في تخصصي لصح إلحاق ذلك الحرف قبل الاسم, مضيفًا أعتقد أن استعمال هذا الحرف في غير محله كان أحد أسباب تزييف الوعي وتعطل التنمية في المجتمع السعودي. فيما تقول الدكتورة لمياء باعشن: أنا لا أضع حرف الدال أمام اسمي في المقال, وأشعر أنني أكتب معبرة عن رأيي كمثقفة أكثر من أكاديمية، بل إننا حتى في المجلات العلمية لا نكتب ألقابنا وهذا نظام متبع في كل المجلات العلمية المحترمة، إذ يكتب اسم الباحث فقط وفي نهاية البحث تكتب الدرجة والوظيفة كاقتباس تعريفي. ويرى الكاتب الساخر هايل العبدان أنه حسب طبيعة المقال, فمثلاً هناك مقالات علمية محكمة يلزم أن يذيل كاتبها تخصصه ودرجته, حتى يكسب ثقة القارئ, لكن هناك مقالات منوعة وفي غير مجال التخصص, ولا أرى داعي للدرجة العلمية لأن المقالة رأي عام وليس في التخصص العلمي, مضيفًا: وصاحب التخصص في الطب البشري أو الهندسة, عندما يكتب عن رأي فكري, هو بذلك كمن يقحم المتخصصين في الطب البشري أو الهندسة في رأيه, إذ يمثلهم, لكن المقال العلمي في ذات التخصص أرى من الضرورة تذييل الدرجة العلمية. فيما الدكتور أسامة عثمان يرى أن في التخصصات الإنسانية رُبما كان ما يفيد في وضع الدرجة العلمية, طبعًا حين يتناول شأنا متصلاً, ولو ليس في صلب التخصص, وإن كان لا يضر ولو لم تتم الإشارة إلى ذلك, لأن المفروض في الكتابة أن تكشف عن قيمتها, فالقارئ الواعي لا يجعل من درجة الكاتب العلمية بديلاً عن الحكم على القيمة.