اتَّشَحت صحيفةٌ أردنيةٌ بالسواد و عنوان «نَعيُ فاضلةٍ». تقصد (حريةَ الصحافة) اعتراضاً على إقرار المادة 23 قانون مكافحة الفساد، لأنها ستوقِع غرامةً مُغلّظةً على كل ناشرٍ أو مُشيعٍ أو ناسِبٍ أيَّ فِعلِ فسادٍ دون بَيِّنة. رأَتْهُ نقابة الصحفيين تَكميماً للأفواه، مخالفاً للدستور، تهديداً لكل صحفيٍ و مُدوّنٍ و ناشطٍ يتداول معلومات فساد. بل اعتبروه «تَحصيناً للفساد و دليلاً على نفوذ مؤسسته، لِخَلْق بيئةٍ قانونيةٍ غيرِ حاضنةٍ للحريات». إنها إشكاليةُ صراعِ حرياتٍ، تَمادى بعضُ ممارسيها باستغلالها بِتَجنٍّ وافتراء، و (مُنتَفِعينَ) يستغلون تلك الحالات للتباكي أن الصحافة ليست أهلاً للحريات ولابد من تقييدها، لِيَسرحوا و يَمرحوا. لكن الحل بسيط : لماذا لا يُوجّه الصحفيون وقتَهم و جُهدهم لتجميع (بَيِّناتِ) فساد أشخاصٍ أو جهات ؟ الأمر ليس مستحيلاً. فكلُ فسادٍ يَمرّ بأيدي كبارٍ و صغار. و حلقةُ الصغار هي الأضعف. واستكشافُ أبعادها يَقود للكبار. و الإيقاعُ بِصغيرٍ أسهل من كبير. و تَخَلُّفُ الكبير في الدفاع عنه - خوفاً على نفسه - يُولّد نِقمةً شديدةً، تَجعل الصغير يَفتح ملفات الكبير و (يَكُعُّ) ما في جُعبته، (عليَّ و على أعدائي). أليس البوليس يوقع أعتى المجرمين بأبسطِ آثاره؟ إنه خيطٌ إن أمسكتَ أولَه وَصلْتَ آخره. استفتحوا بالصغار. فهم أجنحةُ الكبار، لا يُحسِنون الإفساد بدونها. و أُتْركوا السلطات .. فكلُّ قيدٍ تَفرضُه، تَفتح لكم به (فُرجَةً) جديدة. email: [email protected]