فهم المصريون رسالة المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري بظهوره تلفزيونياً في زِيٍ مدني بلا حراسة، على أنها بالونُ اختبارٍ لِفِكرة تَوَلّيه الرئاسة عبر صناديق الاقتراع إذا ترك مهامه العسكرية. تَلَقّفوها بمشاعر تراوحت بين المفاجأة و الغضب. المفاجأة غير مفهومة. فالمنطق يؤكد ان الثورة ما كانت لتنجح لولا موقف الجيش. صمَد في وجه (مبارك) فلم يقمع. ثم أطاحه في هدوء، حيث (استُخْلِيَ) و لم (يَتَخَلَّ) عن الرئاسة. ثم ظلّ في مداورات مع الجماهير لامتصاص (نِقْمَتِها) و (بَهْجَتِها). فهل يُعقل أن يسلم الرئاسة لِمَدني (لا راح و لا جا)، كما يقولون ؟. أما الغضب فلا منطق فيه لمجرد كونه عسكرياً. فهل (المدني) أجدر بالرئاسة من (العسكري)؟ أم أن الثاني حتماً أفسد من الأول؟ لا نظريةَ تَحكم ذلك. فالعبرةُ بالشخص وإخلاصه وكفاءته. يتطلب الحُكمُ حنكةً وصبراً وإخلاصاً ووعياً بمصالح الأمة وأساليب صيانتها والتعامل معها بأمانةٍ واقتدار. وكلها سِماتٌ شخصيةٌ وخِبراتيةٌ تَراكمية. وفي أسوأ الظروف فإن المشير فوق السبعين، وقد لا يحكم طويلاً كما (مبارك).لكنه نال نَصيبه من بلاغة المصريين الساخرة في التعامل مع أزماتهم .. كان أطرفَها (المشير لبس مدني .. والشعب لبس عسكري). email: [email protected]