لو كنتُ المجلس الانتقالي لَما رحبتُ بزيارة ساركوزي و كاميرون حتى تتشكل حكومة تبسط سلطتها فعلياً على الوطن، لِئلَّا يتعزز إتهام القذافي أن استعماراً فرنسياً بريطانياً يبتلع ثروة ومستقبل ليبيا. هذا الاستعجال يُبطِّئ جهود استعادة الغستقرار، ويُتيح لأطراف داخل الثورة البدءَ بإعداد إستراتيجيات وخطط مواجهة الاستعمار القادم ، و تركيا، التي أَوْكَلَ لها الغرب الآن ( احتواء ) توجهات الشارع الإسلامية - جهاديةً كانت أو سلمية - ليست عصا سحرية تقلِّب الأمور كيفما تشاء. والعمليات الانتقامية التي صاحبت (تسليم) طرابلس وما تلاها من هَرجٍ هي ما يُؤخِّر استسلام (بني وليد)، وليس تسريبات أن القذافي وأبناءه فيها ، فَهُم أدهى من أن يُحاصَروا في جُحر ، بمعنى أن الأوضاع ما تزال بعيدةً عن السيطرة، وليس حكمةً أن تُضاف لها ذرائع لاستحداث انشقاقاتٍ جديدة. لا ننكر أن (الناتو) هو محرر ليبيا ، لكنه حررها بقذائفَ مُضاعفةِ القيمة من ودائع الشعب، و بدماء خمسين ألف قتيل وضِعفِها من الجرحى - حسب الإحصاء الرسمي -، وبِهِبَةٍ لا تقل عن نصف مخزون أرضها مستقبلاً من الغاز والبترول. لم يَكُن التحرير انتِخاءً للديمقراطية ولا عِشْقاً لحرية الليبيين ، بل إنقاذاً للإتحاد الأوروبي المتصدع، المهدد بانهيار منظومته من أزمات الديون وغيرها. لكن كاميرون وساركوزي يستعجلان ضمانَ انتخاباتهما ، وأمر ليبيا آلَ إليهما. أما أحفاد عمر المختار فَحدود قراراتهم هي فقط الانتقام والاقتتال، حتى آخر قطرة دمٍ .. و قطرةِ بترولٍ .. و قطرةِ كرامة. email: [email protected]