* إن الافتئات على الحقائق باختلاق الأكاذيب في وضح النهار أصبح اليوم أمراً وارداً من مهابيل الكُتَّاب والمحسوبين على الثقافة في بلادنا؛ مع زحمة مشاغل الحياة من حولنا، وكثرة ما يُتاح لهم من فُرص الكتابة في وسائل الإعلام، وفُرص الظهور في الفضائيات التي ملأت الآفاق؛ فالصحف تريد أن تسوِّد صفحاتها بأي كلام؛ وصفحاتها تزداد يوماً بعد يوم، والفضائيات تريد أن تشغل برامجها بأي إثارة، والإعلانات تزداد فيها وقتاً بعد وقت. * ولم يَعُد أحدنا في هذا الوضع يعجب؛ إذا قرأ كلمة أو مقالة أو مقابلة مع أحدهم، فيها كمٌّ من الإسفاف والتبذل، أو شيء من الافتئات على الحقائق؛ دون أن يرى من يتصدى بالرد أو التعقيب أو بيان أوجه الصواب لشيء مما قرأه أو رآه. فكم نقرأ في صحفنا، ونرى في الفضائيات من ترهات وسخافات وإدعاءات وقلب للحقائق؛ دون أن نرى تفنيداً لها، ولا إيضاحاً لما جاء فيها من مغالطات لا يُقبل السكوت عليها. * ولعل أظهر مثال على ذلك ما تناولته في الأسبوع المنقضي عما نشرته إحدى صحفنا على مدى ثلاث حلقات طوال تثير حفيظة الحليم من لقاء مع أحد هؤلاء؛ ووصفته بأنه مفكر !! جاء فيه ما يكشف بوضوح عن عدم ادراك، وعن شيء يتصل بفكره المعروف. فهو يقول فيما يقول إن أصحاب الدكاكين حول الحرم المدني، عندما كان صغيراً، وعلى علم الشيخ عبد العزيز بن باز، كانوا يزاولون البيع والشراء في أوقات الصلاة؛ بدعوى أن دكاكينهم كانت لا تُغلق في أثنائها. * وإنني للمرة الثانية أؤكد هنا على أن هذا الرجل مخادع في هذا الاستدلال؛ فقد استغل حقيقة عدم غلق الدكاكين المجاورة للحرم النبوي بالفعل خلال الصلاة؛ ليوهم الناس بأن التجار كانوا يمارسون البيع والشراء أثناء تأدية الصلاة في الحرم جماعةً، وهو الأمر الذي يريد هو أن يؤول حالياً إليه. مع أن دكاكين المدينة، ودكاكين باقي مدن المملكة كانت معظمها تُغَطى بشراك خفيف مثل شراك الصيد، أو يوضع على مداخلها ما يمنع من الدخول إليها كالكراسي وينصرف أصحابها مع زبائنهم إلى الصلاة، قبل إقامتها بما لا يقل عن عشر دقائق، ولم تكن توصد هذه الدكاكين بالضبة والمفتاح، والأبواب الحديدية الغليظة؛ كما هو الحال الآن. * وبعد هذا أقول : لابد من مساءلته ومحاسبته؛ لأن الأمر كما في هذا الأمر الذي تناولناه ليس أمر كذب فحسب؛ بل هو دسٌ بحق أمرٍ يتعلق بمحافظتنا على شعيرة الصلاة جماعةً، ويتعلق بحقبه من تاريخ المملكة. ** قبسة : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « إذا كَثُر الخُبث كان كذا وكذا ». أراد الفسق والفجور. سلاح اللئام قُبح الكلام. [ مثل عربي ] مكةالمكرمة : ص ب : 233 ناسوخ : 5733335 [email protected]