* أحسب أن إسناد الأمر إلى غير أهله هو أيضاً وراء ما نراه من ظهور صحفنا اليومية بصورة واحدة أو متشابهة: نفس نص الأخبار الخارجية مع صورها، نفس الأخبار المحلية مع صورها، وتخصيص صفحات اقتصادية، وأخرى رياضية عديدة، وثالثة لكتاب الجريدة الخالدين الذين لا يتغيرون، سواء أصحاب المقالات الطويلة منهم أو الأعمدة اليومية والأسبوعية (وإن أفلسوا وأصبحوا يكتبون كلاماً فارغاً) في عصر تطور فيه الناس، وكثُر العلم والعلماء والباحثون، وتزايدت حاجة بلادنا فيه إلى أن يكون للصحافة دورها في التوعية والتنمية، ومواكبة العصر مع الحفاظ على الثوابت. * صحفنا مع تعدد أشكالها وصورها وأسمائها وكثرة صفحاتها صورة واحدة، بحيث يمكن للقارئ أن يقتني في يومه صحيفة واحدة منها، فتغنيه عن الباقيات. وهي على مدار الأسبوع تسير كذلك على وتيرة واحدة. لا شيء جديد، سوى ما تطرحه في ملاحقها الأسبوعية أحياناً من موضوعات لا تبتغى من ورائها سوى إثارة الخلافات والفتن، وفي موضوعات دينية أو أدبية أو اجتماعية، ليست الصحف محل بحثها، والأخذ والرد فيها، وإنما الإفتاء، والهيئات العلمية، والجامعات، لدقتها وحساسيتها. * والمعتاد والصحيح هو أن تنفرد كل صحيفة بطبعة مختلفة عن غيرها، تتميز بها وتعرف، كما تنفرد باسمها وشكلها وصورتها. وهو اختلاف مهم، ليعكس طبيعة البيئة التي تصدر فيها، والاهتمامات والسمات التي يُتفق عليها بين العاملين فيها. فلا يستغنى بإحداها عن الأخرى. وهو ما كانت عليه صحفنا في السابق من حال، فعكاظ شيء، والمدينة شيء، والرياض شيء، وهكذا. ولم تكن الصحيفة الواحدة منها تلتزم صفحات ثابتة وأعمدة دائمة، وكتاباً خالدين. * والمعتاد والصحيح أيضاً هو أن تُفرد كل صحيفة شيئاً من صفحاتها للثقافة العامة والخاصة يكفل أن تعمل به على تنمية الحس الأدبي والروحي في أفراد المجتمع، وتُرسخ به مفهوم (الصحافة مدرسة) فهي تكمل دور المدارس في التربية والتعليم والتثقيف، وهو ما كانت صحفنا في السابق كذلك تعتني به. فهناك التربويون كانوا يُستكتبون، وكذلك المعلمون، والمثقفون. وكانت هناك صفحات للتربية والتعليم والثقافة، وكانت هناك القصة القصيرة، والمقالة الأدبية، والقصائد الشعرية، وصفحات مثل: لصحتك، وللشباب، وأبي حياة والناس، وصفحة الدكتور عبد الله مناع التي كان يتناول فيها حل مشاكل الناس. * وكانت هناك الملاحق الأدبية المتميزة التي خرجت بالفعل أدباء وكُتاباً وأكاديميين، كملحق عبد الله الماجد وفهد العرابي الحارثي في الرياض، وملحق سباعي عثمان وعبد الله جفري في المدينة، وملحق محمد موسم المفرجي في الندوة، وملحق محمد يعقوب تركستاني في التراث. * أقول: إنني أحسب أن من إسناد الأمر إلى غير أهله ما نراه اليوم من حال صحفنا، فالمسؤولون فيها بعيدون عن مجال الإعلام وبعضهم لا علاقة له من قريب أو بعيد. ** قبسة: «النجاح سلالم لا تستطيع أن ترتقيها ويداك في جيبك».[ جورج إليوت] [email protected] مكةالمكرمة: ص ب: 233 ناسوخ: 5733335