اليتيم في الناس من فقد أباه قبل البلوغ قال صلى الله عليه وسلم: (لا يُتْم بعد احتلام) وأصل اليُتم في اللغة هو الغفلة، وبه سمي اليتيم يتيماً لأنه يُتغَافل عن بره بعد موت أبيه، فهو لا يقوى على الانفراد بمواجهة هذه الحياة وتحمل أعبائها إلا بعد أمد طويل يستغرق سنوات عديدة حتى يكتمل نضوجه العقلي، وهو في هذا الضعف يحتاج إلى من يرعاه رعاية تامّة تتعلق بنفسه وماله، فشرع الإسلام الولاية عليه، وأولاه القرآن الكريم عناية كبيرة في آيات عديدة تحذيرية ناهية عن التجاوز غير المشروع في ماله {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} وأرشد الولي إلى فعل ما فيه الخير والصلاح له في حاضره ومستقبله، فأوجب عليه أن يبذل كل ما في وسعه لإصلاحه بالتربية والتهذيب والتعليم والعطف والحنان، وحفظ ماله وتنميته لأنه في هذا العمر لا يستطيع التصرف فيه بوجه حسن، فكان الحجر عليه صيانة لأمواله من التلف والهلاك، فيكون تصرف الوالي في ماله مبنياً على المصلحة التي تعود بالفائدة على مال اليتيم، فلا يتصرف لمصلحته الشخصية، إلا ما يأخذه مقابل ولايته عليه {وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} لأنه محاسب على ذلك {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} ومن ثم يسلّم إليه الوالي ماله عند قناعته التامة بأنه رشيد، ويشهد عند الدفع لتظهر أمانته وبراءة ساحته {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} والله سبحانه وتعالى أكد النهي عن أكل مال اليتيم ظلماً في عدة مواقع من الذكر الحكيم {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} كما أن السنة النبوية أوضحت ذلك جاء في الصحيحين فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قيل : يا رسول الله وما هن؟..... وذكر منها - وأكل مال اليتيم -...) وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( أحرِّج مال الضعيفين المرأة واليتيم ) أي أوصيكم باجتنابهما، وقال عليه الصلاة والسلام : (شر المآكل أكل مال اليتيم ظلماً) فآكل مال اليتيم له عذاب أليم في الدارين، قال عليه السلام : (من عال يتيماً حتى ينقطع يتمه أو يستغني بنفسه أوجب الله عز وجل له الجنة كما أوجب النار لمن أكل مال اليتيم). فعلى أولياء اليتامى أن يتقوا الله فيهم ويراعوا حقوقهم كما لو كانوا لهم أبناء، وليكونوا في الإشراف عليهم حذرين من غضب الله، وليعلموا أن الإهمال في حقهم لا يقتصر ضرره عليهم، بل هو ضرر تتفشى جراثيمه وتنتشر سمومه في جسم الأمة، فيعتريها الضعف والانحلال، وتبؤ بالخزي والدمار . شعر: اليتم يا أبتاه ذل وانكسارُ ليتم فقر الروح من أدنى أمل اليتمُ ليل حالك داجٍ مخيف كنت أنت نور الله كنت أنت الأمل . ومن أصدق من الله قيلاً {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}. [email protected]