المناسبات الكبيرة في معانيها ومضامينها، لا شك أنها تتطلب الاحتفاء بها بما يوازي أسبابها وأغراضها، وبقدر سمو المناسبة ومكانتها يرتقي الاحتفاء بها ويزيد علوا وسموا. وهذا أمر يدركه العقلاء ويقرُّ به الحكماء ويسير على نهجه النبهاء، ولا ينكره إلا الحمقى والعبثيون والسفهاء، لأنهم يضعون الأمور في غير مواضعها، ولا يدركون حقيقة الأشياء ولا يرونها إلا بعين سفههم وعبثهم وطيشهم. الكتابة حول هذا الموضوع كانت بسبب ما قرأته من المقالات وسمعته من وقائع حدثت بمناسبة اليوم الوطني من بعض الحمقى والجهلاء الذين لا يعرفون قدر هذه المناسبة ولا مدلولاتها، وتلك التصرفات والأفعال تدل على جهل كبير. فإقفال الشوارع والطرق بصفوف السيارات أو إيقافها عرض الشوارع والخروج منها للرقص والاستعراض بحركات همجية ومحاولة التعدي على أعراض الناس وانتهاك خصوصياتهم في الشواطئ والحدائق والمنتزهات هي من العبث والسلوكيات التي لا تليق بالمسلم إطلاقاً ولا تتفق مع المناسبة، ولم تحتف بعض الأجهزة الحكومية من أجل هذا العبث الذي ينتهجه ويقصده هؤلاء الجهلة. إن جميع المناسبات الوطنية بصفة عامة ومناسبة اليوم الوطني بصفة خاصة تستدعي من كل مواطن بل ومن كل مقيم أن يشكر الله بأن منّ على هذه البلاد بتوحيدها تحت شعار التوحيد لتقيم حدود الله فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. فشكر النعم مما يزيدها ويدعم استمرارها فقد قال الله :[ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ .] فهذه الأفعال والسلوكيات والتصرفات السيئة ليست من قبيل الشكر، ونخشى أن تزيد هذه التصرفات سوءاً في قابل الأيام حتى تصبح هذه النعمة مجرد استدراج للبعاد. ومن هنا فإن إيقاف هؤلاء العابثين الجهلاء يجب أن يكون بحزم وقوة. حتى لا تصبح المناسبات الوطنية ذريعة للعبث وارتكاب المحظورات وانتهاك خصوصيات الناس في سياراتهم ومنازلهم ومنتزهاتهم وأسواقهم. ذلك أن من لديه أدنى معرفة بحقوق المواطنة فإنه يدرك أن ما حدث ويحدث من هؤلاء إنما هو استغلال سيء للمناسبة وليس إظهاراً واحتفاء بها. لأن الاحتفال والفرح لا يكون بمثل هذا المستوى وهذه الصفة إلا عند المجانين والخارجين عن المألوف. لقد نص نظام العمل والعمال القديم ونظام العمل الجديد على أن يوم 23 سبتمبر من كل عام ويوافق غرة برج الميزان هو عطلة رسمية بمناسبة اليوم الوطني فالقطاع الخاص من عشرات السنين يتمتع بهذه العطلة ولم يحدث مثل هذه التصرفات، وكانت هذه المناسبة تمر بهدوء دون حدوث أي خروج عن الآداب أو مظاهر غوغائية وصبيانية، وحينما ارتأى ولي الأمر شمول هذه العطلة لكافة قطاعات الحكومة ومنها طلاب المدارس والجامعات حدث استغلال سيء من فئة لا تقدر حب الوطن ولا تعرف المواطنة وحقوق الوطنية الصحيحة فاستغلوا هذه المناسبة وهؤلاء الصبية والجهال ذكوراً وإناثاً لا يدركون حقيقة تصرفاتهم مع أنها بخلاف مقصد ولاة الأمر ، فيكونون قد عصوا ولاة الأمر الذي أمر الله بطاعتهم، ثم أن شكر النعمة لا يكون بمثل هذه التصرفات وهذه مخالفة وعصيان لرب العباد، ولهذا فإن ما حدث من قبل هؤلاء لهو عبث وتشويه لمناسبة عزيزة على لكل مواطن. وهذا الاستغلال للمناسبة الوطنية العظيمة يجب أن لا تمر دون محاسبة لمن يريد أن يستغلها استغلالاً سيئاً بأي مظهر من مظاهر العبث والخروج عن المألوف. فيجب أن يضع لها حداً لا تتجاوزه مرة أخرى. هؤلاء الصبية والجهلاء اعتادوا استغلال أية مناسبة وطنية كفوز المنتخب أو احتفالات الأعياد أو فوز فريق معين ببطولة فيخرجون للشوارع ويجوبونها عبثاً وصراخاً وسلوكيات سيئة وتصرفات بذيئة، وللأسف أن هناك من الفتيات من يشاركن ويتجاوبن مع هذه التصرفات مما يزيد الطين بلة ويحفز على المزيد من تلك التصرفات، ولهذا فإن الأمر يستدعي أن تكون الأجهزة المعنية بحماية أفراد المجتمع من هذا العبث على أهبة الاستعداد عند كل مناسبة لضبط تصرفات هؤلاء العابثين حتى لا تندس المناسبات الوطنية بعبثهم وبذاءاتهم. اللهم وفق ولاة أمرنا لما يفيد ويحفظ أولادنا وبناتنا إنك ولي ذلك والقادر عليه. ص.ب 14873 جدة 21434 فاكس: 6534238 [email protected]