اليوم الوطني يوم أغر في سجل الأيام، يوم فارق بين الشتات والوحدة، فيه تآلف المكان والسكان، فكان الأمان، وذكراه ذكرى فرحة تملأ النفوس بهجة، ولا غرو إن ظهرت البسمات في مظاهر أفراح، وازدانت الشوارع بالأعلام، ورفرفت الرايات على السيارات، فالفرحة به تعبير عن حب الوطن وتكريس لحبه في ذاكرة الأجيال الذين وجدوا أمناً ووحدة ورفاهية لم يعرفوا ما قبلها. شيء جميل أن تملأ الأفراح الشوارع والنفوس، فالفرحة والاحتفال مطلوبة ليظهر فيها حب الوطن، ولكن لابد من التفريق بين من يعمل عملاً يعبر به عن حب الوطن، ومن يلبس قميص عثمان ليجد في الاحتفال باليوم الوطني فرصة للعبث مدعياً أن ذلك تعبير عن الفرحة بالمناسبة. ما حصل في المدينةالمنورة وفي عنيزة وفي غيرهما من استغلال بعض العابثين للمناسبة الوطنية لتنفيذ ما في نفوسهم من تصرفات خاطئة، فلماذا تغلق الشوارع من هؤلاء العابثين فلا يصل مسافر إلى المطار، ولا مريض إلى المستشفى، والأسوأ من ذلك أن يُقذف الناس في سياراتهم بالحجارة، وتؤذى العوائل أو يعتدى على ما في السيارات، وكل ذلك تحت غطاء الاحتفال باليوم الوطني. هؤلاء العابثون لا يحبون الوطن، ولا يقدرون الأمن الذي تنعم به بلادنا، هؤلاء يتحينون فرصة للعبث والإفساد لما تنطوي عليه نفوسهم من اقتناص فرصة للإخلال بالأمن، إنهم أعداء للوطن والمواطن والتنمية، ومن يحب الوطن يبني ولا يهدم، ويساعد ولا يؤذي، وينظم ولا يعرقل حركة المرور. ليست فرحة اليوم الوطني في أن يلوّن هؤلاء وجوههم أو جباههم، أو شعورهم أو ملابسهم، أو سياراتهم باللون الأخضر، بل الفرحة أن يقيموا احتفالات منظمة أو يلعبوا ألعاباً شعبية يرقصون للوطن لا لما في نفوسهم من عبث وأذى أو اعتداء على الممتلكات كما حصل في الخبر في العام الماضي. اليوم الوطني يوم رفع الرؤوس في السماء وارتفاع الأعلام فوق الرؤوس، وغرس محبة الوطن في الناشئة، واليوم الوطني تكريم لمن قدم روحه فداء للوطن، وتكريم لمن قدم جهداً في البناء التنموي، وهو دروس للطلاب في المدارس عن إنجازات الوطن والحفاظ على هذه الإنجازات بأنها مكاسب يحافظ عليها. اليوم الوطني يوم الاحتفال بالأمن، لا يوم العبث به، وإخافة السائر في الشارع أو تكسير سيارته أو الانطلاق في مسيرات عبثية بالسيارات أو الدبابات. مطلوب من الجهة الأمنية أن تقمع هؤلاء العابثين وتحمي المواطن والوطن من إخلالهم بالأمن، ولا يظن هؤلاء السذج أن رفع راية الوطن أو التلون باللون الأخضر يكون ذريعة للإخلال بأمن المواطن في يوم الأمن الوطني، وما لم يعاقب هؤلاء فإن السنين القادمة ستشهد مزيداً من عبث من لا يحبون الوطن ويتخذون من اليوم الوطني شعاراً يندسون تحته للإخلال بالأمن.