كلما تقدمت بنا سفينة الحياة بمختلف نواحي التطور التكنولوجي ..وكلما تجددت أنواع المصنوعات في المزايا والمواصفات .. وكلما ظهرت على أرفف المعارض والمحلات سلع جديدة لم نرَ مثلها من قبل .. كلما تنوعت وتفننت الإعلانات التجارية التي تسوق لمختلف أنواع هذه السلع الذي أفرزها هذا التطور، وهذا شيء طبيعي كنا نلاحظه منذُ صغرنا عندما كنا نشاهد القناة الأولى على الشاشة الفضية بالأبيض والأسود لاسيما فقرة ال "إعلانات تجارية"، وكنا نشاهدها أيضا عندما ظهرت موضة التلفزيون الملوّن، ولا زلنا نشاهدها منذ انطلاق صرخة الفضائيات، ولا زلنا أيضا نشاهدها حتى على شاشات الهواتف الجوالة والحواسيب الآلية المحمولة.وبعكس المادة التي تفوح عليها حضارة الغرب، فإن التعاليم الإسلامية السمحة تتدخل في كل صغيرة وكبيرة بحياة الإنسان فرداً وأسرة وجماعة ومجتمعاً وأمة ودولة لتنظيمها وفي موضوع مقالنا الذي اثبتناه بالعنوان أعلاه " شهر رمضان وهوَس الإعلانات التجارية بين اليوم والمستقبل" لايسعني إلا أن أقول : إن الحرام بيّن والحلال بيّن، وبالتالي فإن استخدام المحرمات لإبراز هذه الإعلانات كتوظيف المرأة بصورة غير لائقة ومخالف لتعليم الشريعة السمحاء فإن هذه الإعلانات تعتبر خارجة من القيم والمبادئ، وكذلك الترويج للمحرمات، وبالتالي فإن عامل تقدم الزمن ومجيء المستقبل شيئاً فشيئاً لا يعني ذلك انقلاب موازين القيم والمبادئ بحيث يصبح الحلال حراماً، أو الحرام حلالاً، ومن ذلك جزئية العمل الدعائي والإعلاني فيما يتعلق والحياة الاقتصادية والأنشطة التجارية. ومن الملاحظ أن حياتنا كمجتمعات إسلامية غزتها العديد من أساليب الدعاية والإعلان عبر عدة وسائل إعلامية من إذاعة وتلفزيون وفضائيات متعددة وسينما وصحف ومجلات ومواقع إلكترونية وهواتف نقالة، بل حتى شوارعنا والعديد من المرافق العامة في مدننا وقرانا وربما الهجر والأرياف قد امتلأت بالدعاية والإعلان عن مختلف السلع من ابسط الاشياء كالدبوس والقلم والساعة وما إلى ذلك مروراً بألوان الأطعمة والمواد الغذائية والملابس ومواد التنظيف والعطورات، وانتهاء بأكبر الأشياء كالمدن النموذجية والقرى الترفيهية وناطحات السحاب. وقد احتلت الدعاية والإعلان مساحة كبيرة من ذاكرتنا، وهي تلاحقنا أين ماذهبنا ، بل لم تترك لنا حرية الاختيار وهو ابسط المباحات التي نتمتع بها في حياتنا، وعلى المستوى المحلي نطرح مثالاً واحداً وهو كثرة الدعايات في شهر رمضان المبارك الذي تحول بشكل كبير من شهر للعبادة والتقرب الى الله إلى شهر للأكل والشرب والتقرّب من الشاشات الفضائية لمتابعة المسلسلات التلفزيونية وآخر الأفلام ومختلف البرامج، وكان من الأجدر بنا أن نبقي لهذا الشهر الفضيل مكانته التي أرادها الله له، وهو ربيع القرآن والدعاء، وشهر المغفرة والرضوان، وكنت آمل أن تتحول الدعاية والإعلان التجاري لما يزيد من أرباح أصحاب الشركات التجارية إلى دعاية وإعلان لكل المبادئ والقيم التي ذكرها القرآن الكريم والسنة الشريفة، فهنا نرى دعاية لفوائد الصبر، وهنا دعاية أخرى لفوائد الوفاء، وهناك دعاية لفوائد الإرادة ، ودعاية رابعة لفوائد التقوى، وهكذا دواليك، فمتى سنرى هذا اليوم؟ هل هو يوم غد؟ أم هو في المستقبل البعيد؟ .. وكيف سنرى شهر رمضان المبارك في الزمن الذي بشر به " ألفين توفلر" في كتابه "صدمة المستقبل"، إذا خلفنا القيم والمبادئ وراء ظهورنا وأصبحت بمعايير مادية بحتة؟.. [email protected]