نعيش في عالم مليء بالمنغصات والمسرات، يوجد فيه من يعيش حزيناً يقتات على بقايا ذكريات مؤلمة مر بها وكأنه يتلذذ، ولا يحاول أن يحيى حياته بتجاوز أحزانه وتغييرها للأفضل! ويستمر بندب حظه في كل مناسبة مغلقاً كل أبواب السعادة والرحمة بنفسه فيظل يسير في طريق الألم المرافق له دوماً بذكرياته المأساوية. ونندهش كيف لإنسان كرمه الله بنعمة العقل والدين أن يستسلم لمشاكل الحياة "الماضية" ولا يرضى بقضاء الله وقدره! بالأمل والنسيان سيتمكن من مواصلة هذه المسيرة التي خُلقنا فيها في كبد، وإن لم نتمكن من مواجهة مشاكلنا والقضاء عليها سنظل هاربين دائماً من أنفسنا ولن نعثر على طريق السعادة أبداً. الحياة جميلة بما أنعم الله علينا، فكيف نطرد السلام من داخلنا ليحل مكانه التوتر والهم والحزن لماذا نرى القبيح فيها والحزين ونتعلق به ونعيش على ذكريات تسحبنا معها إلى جحيم دنيوي من صنعنا؟ كثير من الناس يفضل العيش مهموماً كي يستجلب عطف الآخرين الذين قد يكونوا تعساء مثله فلا يفيدونه إلا هم على هم وبتحدثه معهم لا يجني سوى إضافات لهموم جديدة قد تؤدي به إلى الاكتئاب واليأس! ويقول التعساء نحن نشتري السرير ولا نستطيع أن نشتري النوم، ونشتري السكن ولا نستطيع أن نشتري السكينة، ونشتري الدواء ولا نستطيع أن نشتري الصحة، فهم في هم دائم. وأنقل أقوال المنتصر بن بلال الأنصاري لهؤلاء: لا تخضعن فإن دهرك إن رأى ... منك الخضوع أمده بهوان وإذا رآك قد قصدت لصرفه... بالصبر لاقى الصبر بالإذعان على الجانب الآخر نجد آخرين يشعرون بالسعادة من أي شيء وفي كل شيء ويرون الجمال الحقيقي الذي هو دائماً موجود في حياتنا سواء في منظر جميل أو صحة طيبة أو صحة وإن كانت عليلة، أو ابتسامة صافية وزوجة صالحة وابن بار، بالإيجابية تُجلب السعادة الحقيقية للإنسان والتي بها تعطيه القوة والصمود من أجل أن يغير ما بنفسه ويبتعد عن سلبيات قد تؤدي به إلى هاوية يأس.. إن لم ننعم بالسلام الداخلي فكيف نتمكن من العيش بسلام خارج حدود أنفسنا؟