الفضاء في عصر التكنولوجيا أصبح مختلف تماماً عما كان عليه قبل عقدين من الزمان ، إذ لم يكن هناك ما يعكر صفوة خلال تلك السنوات الخوالي من محطات فضائية تبث مواد إعلامية هابطة ليست ذات هدف سامي ، ولم نكن نعرف قبل عصر الفضائيات سوا قناة واحدة بالتلفزيون المحلي للمملكة ، تبث برامجها بما يتماشى في مضمونها مع عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا ، فلا يتلقى المشاهد من تلك القناة إلا ما فيه المصلحة والفائدة من برامج دينية وعلمية وثقافية ... وغيرها من المواد الإعلامية الهادفة، وقد كنا نشاهد البرامج التي تستضيف ضيوفها وفيها من الوقار والاحترام ما يجعلنا نتابع اللقاء حتى النهاية لنجد أننا قد أستفدنا مما شاهدنا دون أن يكون هناك على سبيل المثال رفع للصوت بين الضيف ومستضيفة عكس ما هو حاصل في القنوات الفضائية في وقتنا الحاضر التي تفتقد أسلوب الحوار الذي هو من أجمل وسائل التواصل الإنساني، ولقد اهتم الإسلام بالحوار اهتماماً كبيراً لأن الطبيعة الإنسانية ميالة بطبعها وفطرتها إلى الحوار أو الجدال { وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً }بل إن صفة الحوار أو الجدال لدى الإنسان في نظر الإسلام تمتد إلى يوم الحساب قال تعالى { يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا } والمتمعن في الحوار النبوي الشريف مع صحابته رضوان الله عليهم وغيرهم يستنتج المعاني السامية التي يهدف إليها الحوار الناجح ، أما اليوم في عصر الفضائيات فلا المقدم أدى الرسالة الإعلامية كما ينبغي ، ولم يحقق الهدف المطلوب من بث البرنامج ، ولا الضيف تمكن من إيصال ما لديه من معلومات للمشاهد بالشكل المطلوب نتيجة الاتصالات التي يتلقاها البرنامج عبر الهاتف ، وبالمقابل لا يعطى المجال للمتصلين من تبيان هدفهم فتجد مقدم البرنامج يعتذر للمتصل بانتهاء الوقت ، ويفيد الضيف بأن الوقت قد انتهى ، وكأن البرنامج أعد ليظهر المذيع عبر الشاشة الفضية برفقة الضيف ويتحدث لوحده فقط والضيف يستمع مما يجعل البرنامج يفقد قيمته ، ويتحول الحوار إلى مهزلة ، فهذا الأسلوب المتبع والذي أصبح ديدن المحطات الفضائية ينبغي أن يواجهه من قبل الجهات المختصة بالحزم من خلال عدة أمور في مقدمتها تثقيف المستضيف بآداب الحوار الناجح ، وبمهارة إدارة الوقت ، وتحديد نقاط المادة التي ستبث،والاتصالات التي يستقبلها البرنامج، ووضع أهداف واضحة لتلك اللقاءات التي تستضيف أصحاب العقول النيرة من أجل إعطاء الضيف حقه، واحترام المشاهد ليستفيد مما يشاهد . همسه : لا يمكنك امتلاك الوقت ، ولكن يمكنك إستخدامه . ومن أصدق من الله قيلاً { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...}.