* إننا نخضع لمنطق الحياة، وضروراتها، وبذلك لا نخرج عن كوننا مخلوقات طبيعية، ولكن الواقع ان الانسان لا يصل الى مرحلة انسانية الا بعد ان ينتقل من ذاتيته تاركاً خلفه كل ما يشوهها ويسمو بها الى مراتب الشرف والفضيلة ومن تلك الآثار التي ابتدعها لنفسه والمتعلقة بالوسائل المصطنعة وألبسها ثوباً غير ثوبه الحقيقي. فهؤلاء الأصناف من الناس ابتدعوا هذه البدع ليصلوا الى سد حاجاتهم للتفاهم من اجل اداء الاعمال حتى اصبحت هذه الظاهرة لتجاربهم في انتاجهم الفكري، وبذلك تعقدت حياتهم البشرية فنشأت لديهم الحاجة الى اختراع الكلام المعسول لإشباع مطالبهم المادية، واستعاضوا عنها بأساليب لمبادلة الافكار فتاهوا في دياجير غرائزهم. ولو اننا نظرنا الى الدلالة الاخلاقية لدى الاخلاقيين في المجتمعات لوجدنا انهم حققوا المظهر الخارجي التصاعدي لأفكارهم التي فرضوها باحترام الجميع لهم.. فليس تقدمهم الأخلاقي سوى مظهر لذلك النشاط الفكري الذي يقومون به تجاه الآخرين من حب لهم وعطف، واستحسان في سبيل ارتقاء القيم التي تدل على أخلاقيات الأفراد في المجتمعات. * ويتفرد الخلق في هذه الحياة معادن شتى.. البعض ينعي حظه ويقيم مأتماً وعويلاً على الأيام التي اخرته وقدمت غيره حقداً لا ينضب على ذلك الشخص بل يتعداها الى بني البشر ويتطاول ويقف هذا وذاك غير قانع بما يملك.. تحول كله الى نظرات تلمح الغادي، وترصد حركات القادم.. جرد من لسانه سيفاً يسلق به الآخرين.. ليته امتلك الايجاس.. واجترع كأس الكد صباحاً مساء، ونسج بفكره وبصيرته وتحمله مستقبل حياته. ضروب وأنماط متنوعة لأفراد بعيدين عن القمم والعوالي، وهم في القاع ينظرون، الى من في القمم فيرونهم صغاراً، وينظر اليهم من في القمة فيراهم صغاراً.. يحصون ويحسبون رزق الآخرين باقذاء.. كيف ساد حسن؟ وكيف وصل حسين؟ وانا مازلت قابعاً في مكاني؟ وهو لا يدري ان البون شاسع وهناك طريقان وسعيان.. طريقه وطريقهم.. هما الخطان المستقيمان اللذان لا يلتقيان قط.. احدهما الى القمة.. والآخر الى السفح وقد اختار الاخير وعلى نفسها جنت براقش.