إن مصطلح أسلمة العصر وعصرنة الإسلام مصطلح جديد ظهر علينا ولن يكون الأخير وبالتأكيد ليس الأول في المصطلحات الحديثة ويعنينا منها المضمون ويقصد بأسلمة العصر أم عصرنة الإسلام هل نكيف الإسلام على العصر ومستجداته أم نخضع كل مستجد للإسلام ؟ وحقيقة لن نعصرن الإسلام لان الإسلام يواكب كل عصر وزمان وقد سبق إلى الارتقاء بالإنسان بعد أن كان في جاهلية وظلمات وأما ما استجد في الحياة من تطور فلا مانع في الإسلام حوله ولم يمنعنا الإسلام من التطور بل أمرنا بالعلم والتعلم وما أكثر الآيات الكريمة من الله عز في علاه في هذا الشأن والأحاديث النبوية الشريفة أيضا على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم ولما فهم المسلمين الأوائل واجبهم في عمارة الأرض بما يرضي الله كان لهم السبق في جميع فنون العلوم بأسرها وارسوا قواعدها وانطلق منها الغرب بعد أن ضعف المسلمون وغرتهم الدنيا وسعوا وراء الشهوات ومتع الدنيا . إذاً الخلل الحادث في مفهوم البعض للإسلام أدى إلى ظهور المصطلح هذا وما شابهه والملامة تقع على علماء الأمة لأن الكثير منهم قصر مفهومه عن الحق وعن المراد من كثير من أحكام الشرع الشريف والسعة في الأمر فحجروا واسع بمفاهيم قاصرة وتوسعوا في قاعدة درء المفاسد وقدموها على جلب المنافع وعن المصالح المرسلة فتأخر المسلمون وأي تأخر وصلنا إليه فإذا ما أردنا التقدم وليس السبق احتجنا إلى سنوات عمل دءوب ونعمل فيها بجد واجتهاد . والأدهى أننا بما من الله علينا بأموال جلبنا بها اللهو والترف ولم نستثمرها الاستثمار الأمثل الذي يجلب النفع ويساعد على تنشئة الأجيال القادمة تنشئة تقوي سواعدهم في البناء والتنمية بل دفعناهم إلى الاتكالية واشغلناهم في مفاهيم فرقت شملهم وشمل الأمة ككل فبدلا من الاتحاد على ما اتفقنا عليه من مفاهيم وأحكام إسلامية زرعنا الفرقة بما اختلفنا عليه مع أن كثيراً من الأحكام الإسلامية حمالة أوجه ويجوز فيها الأخذ بعدة آراء ولكل فريق حججه وبراهينه. وأتوقع إني توصلت مع القارئ الحبيب إلى أن لا عصرنة للإسلام ولا أسلمة للعصر بسبب أن الإسلام عصري كما أسلفت ويواكب كل تغير ولن استطيع أسلمة العصر لأن بعض الأمور حرام وان تغير اسمها في الحاضر وكذا الثوابت لا تغيير لها البتة مهما الزمان تطور وتقدم ومن أمثلتها لحم الخنزير لما استطاع الغرب في اكتشاف الدودة الشريط المزروعة في لحمه وسحبوها منه فلن يحل بهذا أكله للمسلمين لان العلة في التحريم وإن كان ظاهراً منها شيء فما خفي كان اكبر والبعد عن الحرام طاعة مطلقة وليس مشروطاً بالسبب ولا بالعلة في التحريم. وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجرا من أحد سواه ص ب 11750 جدة 21463 فاكس 6286871