مع نهاية العام المالي وقد اقتربت.. تخرج علينا البنوك والشركات بقوائم أرباحها (الخيالية) وفي كل الأحوال لا تعرف غير لغة المليارات وأرقامها.. التي تبدأ من الواحد وانت طالع بالعدد على أصابع اليدين واللهم لا حسد.. لكن هل يجوز أن تكون قوتها الاقتصادية وتورم أرباحها باستنزاف المواطن وتقويض استقرار المجتمع اقتصاديا؟!. الإجابة عند المواطن محسومة لأنه أصبح ضحية تكالب البنوك والشركات الخدمية على امتصاص كل قرش من دخله.. وليتهم شبعوا والتفتوا للمجتمع.. وإنما أصابت القطاع الخاص حالة سعار على رفع الأسعار.. إيجارات.. سلع غذائية .. خدمات عامة من اتصالات ومواصلات وقد سبقتهم الكهرباء.. كل هذا ليطلوا علينا بتفاخر بأرقام فلكية للأرباح. مراكز التسوق وفي غفلة من الرقابة أو على مرأى ومسمع منها ضاعفت الأسعار ووضعت أيديها في جيوب المستهلكين بتحايلها على طريقة وضع التسعيرة بشكل مجمع فلا يدري الزبون أي سعر لسلعته. الحقيقة لم تعد سلعة في الأسواق إلا وزادت أسعارها بشكل جنوني.. ولا نرى أثرا واضحا للرقابة وحماية المستهلك إن كان من التجارة أو جمعية حماية المستهلك، وفوق هذا نسمع تصريحات وتنظيم ندوات ثم ينتهي كل شيء بإغلاق العدسات والمايكروفونات. يصراحة هذا ذبح علني للناس.. وقد أصبحوا (يغرفون) من كثرة الديون وتآكل دخلهم.. وحتى الأسهم الصغيرة لم تسلم من هوامير البورصة في الأزمة الشهيرة فالتهموها وجعلوا البسطاء (على الحديدة) بعد أن حشروا تحويشهم ومدخراتهم في بطون الحيتان. ماذا يعني أن يحقق بنك (وكلهم سواء) 3 مليارات أو 5 مليارات، ولديه آلاف العملاء ممن يسرق النوم من عيونهم وماذا يعني أن تدفع شركات الاتصالات مئات الملايين في حروب دعاية فيما بينها وتحقق أرباحا طائلة كشركة الاتصالات السعودية 10 مليارات ويكتشف العملاء أنهم مضحوك عليهم إن كان في سعر الخدمة أو مستواها، سواء هواتف أو إنترنت. وما قيمة ملياراتهم بينما لا نجد لها أثرا في تنمية المجتمع ومشاريع تعود عليه بالنفع إلا من مساهمات خجولة وكأن البنوك والشركات تستقطع من لحمها عندما تسهم بالقليل. صحيح من حقها أن الربح ومن حقها النمو المالي، لكن لابد من الرحمة وأن تتقي الله في من تتكسب منهم إلا إذا كانت ترى أن التقوى لا مجال لها في أهدافها الربحية.. وأن الجشع والظلم والتدليس وامتصاص رحيق حياة الإنسان حقوق مشروعة في قاموسهم الاقتصادي. إن قوة القطاع الخاص مستمدة من قدرة المجتمع خاصة الطبقة المتوسطة وهي الشريحة الأوسع.. فلماذا هذا الإصرار على تدمير القدرة الاقتصادية لشرائح المجتمع، وإغراقها في ديون حتى من يتقاضى عشرة آلاف وخمسة عشر ألفا لا يتبقى منها شيء بسبب الأقساط والديون.. ليس من العدل ولا المصلحة الوطنية أن يكبل المواطن بهذا الشكل. للأسف معايير الفقر اختلت، وبهذا الجشع الحالي من البنوك وشركة الاتصالات ومنافسيها والغلاء الفاحش، دخلت شرائح واسعة خط الفقر بسبب الذين ينحلون في أجسادهم ليضخموا كروشهم.. وأي خير لهؤلاء إذا رأوا معايير النجاح فقط في حجم أرباحهم حتى وإن زحف ضحاياهم على بطونهم لصالح فئات المساهمين. إذا استمر هذا التحول الخطير سيلتهمنا الغيلان والحيتان والهوامير بعد أن تكالبوا على نصب شباكهم وأكثروا من شرك طعومهم للبسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة .. ولا منقذ لهم بعد الله سوى الدولة لردع جشع رأس المال في مجتمعنا المسلم. * نقطة نظام: "ما أظلم من يعطيك من جيبه ليأخذ من قلبك " جبران خليل جبران.