هذه الترجمة الحرفية للبرنامج الذي يقام خريف كل عام في مدينة آيوا منذ أربعين عاما. كنت هذا العام أحد الكتاب الذين تمت دعوتهم لحضور هذا البرنامج العالمي الذي قضيت فيه أغنى أيام حياتي فيما يختص بالكتابة وشؤونها. كان موعدي مع القدر الجميل حين التقيت مدير البرنامج في جدة أثناء تجواله هو ومجموعة من الكتاب الأمريكيين في عمان والسعودية، وصلتني الدعوة من القنصلية الأمريكية وكنت أمتلئ حماسا لمقابلة هؤلاء الكتاب الذين أتوا من آخر الدنيا ليتعرفوا على السعودية وكتابها، لم أكن اعرف أن هناك برنامجا يضم كتابا سيقرأون من عندنا وكتابا من عندهم، أحضرت قصتي المترجمة وأطلعتها على بعضهم فطلبت مني البروفسورة باتريشيا قراءتها حين يحين وقت القراءات، فعلت ذلك وعدت بعد القراءة أتحدث إليهم وأسألهم عن زيارتهم وانطباعاتهم، سألني مدير البرنامج البروفسور في جامعة آيوا كريستوفر ميريل إذا كنت أرغب في حضور برنامج الكتابة العالمي، قبل سنة حين قابلت كريستوفر مريل لم أكن اعرف أنه يوجد برنامجا عالميا يحظى بهذا الكم من الأهمية والقوة ، اشعر الآن بمدى جهلي بما يجري في العالم. هو برنامج من أهم برامج الكتابة على مستوى العالم وقد ساهم مع البرامج الأخرى التي تحتضنها جامعة آيوا في منح مدينة آيوا لقب ثالث مدينة آداب في العالم من قبل اليونسكو. قبلت فورا اقتراحه وشعرت بأهميته، وبعد سنة ذهبت لحضور البرنامج، لم تسعفني ظروفي بحضور كامل الفترة فمكثت شهرا واحدا، لكنه كان شهرا أغنى معرفتي وثقافتي بما يزيد على سنوات لو كنت في مكان آخر. التقيت هذا الشهر بسبعة وثلاثين كاتبا وكاتبة من مختلف أنحاء العالم، سأعدد الجنسيات كي أذكر نفسي بمدى المتعة التي كنت أحصل عليها يوميا بالنقاش مع كل هؤلاء الكتاب، مصر، هولندا، جنوب أفريقيا، سيراليون، بريطانيا، كرواتيا، هونج كونج، الصين، جامايكا، أرمينيا، الفلبين، ليتوانيا، الهند، كوريا الجنوبية، بورما، الأردن، إسرائيل، العراق، اليابان، استراليا، فرنسا، سويسرا، باكستان، فنزويلا، ايرلندا، أوزبكستان، النمسا ،نيوزيلندا وكنت أنا من السعودية. يمكنكم الآن أن تعرفوا كيف كان يومي بين كل هؤلاء الكتاب، بالإضافة إلى المشرفين على البرنامج الذين هم جميعهم كتاب أيضا.. يوم واحد في هذا البرنامج يغني روحك بشكل لا يمكن وصفه، أنت تتعرف على أنماط البشر، كيفية الكتابة عند كتاب مختلفين، أسرار النشر في كل بلد، معاناة الكتاب ومعاناة الحياة في كل بلد. أهمية الكتابة عند كل واحد من هؤلاء، في هذه المدينة التي لا يمر فيها يوم بدون أكثر من مناسبة قراءة أو احتفال يختص بالكتابة أو عرض فيلم أو عرض موسيقي أو أو أو تشعر أن الثقافة هي الحياة، وأن هذه المدينة الصغيرة الواقعة في وسط أمريكا تستحق اللقب الذي منحته، فهي فعلا مدينة الآداب. الحديث يطول عن مباهج الأدب في هذه المدينة وعن المتع اليومية التي عشتها في كنف برنامج الكتابة العالمي، اسمحوا لي أن أكتب لكم عنه مرة أخرى وربما مرات أُخَر.