يسوق القدر لي أثناء رحلاتي بالطائرة الكثير من الإيجابيات وبعض السلبيات وأحيان كثيرة أحلى مواقف تحدث لي من أشخاص يظهرون لساعات قليلة على مُتن الطائرة ليس فقط رغبة في الرصول لغاياتهم بل قد تجمعنا أحاديث ومواضيع متنوعة تترك أثرها الطيب في نفسي والتي تجلب لي أجمل الحقائق التي توحي لي بمواضيع هادفة تتحايل على قلمي لكتابتها وتجعله يسترسل في حروف يبتدعها لتُشكل معاني لمواضيع هامة أقدمها لقرائي، ونمر خلال حياتنا بأشخاص مختلفين الثقافات والتي قد تُظهرها الصدف البحتة فكل الركاب على مُتن الطائرات ينتظرون الوصول ولكل راكب ما يشغل وقته به سواء بقراءة الصحف أو بالاستماع إلى التسجيل "الووك مان" أو وضع سماعات كاتمة لصوت محركات الطائرة متعة بطلب الهدوء ولو لساعات قليلة أو بالتحدث مع من يرافقهم أو من هم بجانبه أو الصمت الذي يحمل في داخله الكثير سواء استجلاب الذكريات أو التخيل والاستعداد لمقابلة من هم بانتظاره أو المثول لحضور مؤتمر أو اجتماع أو عمل وقد يكون هروباً لأيام يغسل بها إرهاقات نفسه وتعب روتين شهور أو أسابيع وربما سنين! ويكون لسفره إلى أماكن مختلفة فوائد تعود بإيجابيات كثيرة متنوعة كما سلبيات يتجنبها أغلب العقلاء! وفي رحلتي هذه الثالث عشر من أكتوبر الفان وعشرة، التقيت بمن كان يفصل بيننا مقعداً واحداً لمحته بطرف عيني وهو يقرأ جريدة "لم أتعمد النظر" لأحد ولكن العيون كما نعلم بحر كبير ترى ما نريد رؤيته وما لا نتعمد رؤيته أيضاً كنت أحمل كتاباً بدأت قراءته في الطائرة أثناء رحلتي عائدة إلى الرياض. وكان الكتاب في غاية التعقيد ولكنني استفدت منه كثيراً كان لروائية جزائرية من بلد أحببته كثيراً هو وأهله وتمنيت أن أقرا كل ما يمكنني من روايات كُتابها وخاصة قراءة تاريخها المُشرف، كنت شغوفة جداً لقراءة هذا الكتاب وكنت قبل هذه السفرة كلما أردت قراءته تهاجمني مسئوليات تحول دون ذلك؟ فكانت هذه الرحلة هي بداية انطلاقتي معه منفردة ولو لدقائق تتعدى الساعة الواحدة وانغمست في قراءة عدد لا بأس به من الصفحات حتى نهاية الرحلة، و حطت الطائرة على أرض الرياض ونزلت على السلم الكهربائي، ثم سمعت صوتاً يحدثني من خلفي فالتفت لأرى من كان يُحادثني معرباً عن سعادته برؤيته من يقرأ كتاباً فقد أصبح هذا شيء نادر هذه الأيام خاصة في بلادنا وفي أماكن كالطائرة تحدثنا لدقائق فقط عن الكتاب مما أدخل البهجة على نفسي وأسعدني تغليقه الراقي ثم ودعني بأدب جم وذهب كل منا لوجهته. كان تعليقه عن القراءة قد أدخل البهجة على قلبي فالقراءة متعة لا تُضاهيها متعة تأخذ محبيها إلى حياة أخرى وفيها من العجائب الكثير كذلك فقد تجد أساليب متنوعة لكتاب متعددون قد تحتاج إلى شروحات لتوضح ما يهدفون إليه وقد تجد الكتاب الذي بين يديك هو السهل الممتنع أو اللغز الغامض أو المتعة الأدبية التي تحملك في أعماق بركانها لتلمس بأحاسيسك حممه أو ترتع في رياض رياحينه مما يجعل الكتاب يبقى في ذاكرتك للأبد وما أكثر وتنوع القراءات في عالم الكُتب الرائع. والحديث عن متعة القراءة لا ينتهي ومحبي القراءة متنوعة مشاعرهم وما أكثرها. بل لا يمكن حصر تلك المشاعر الشغوفة بالمعرفة في كلمات بسيطة ككلماتي السابقة. همسة: صدق البوصيري حين قال: ما تطعمت لذة العيش حتى ..... صرتُ في وحدتي لكُتبي جليساً