لا تقفل قلبك.. افتح عينيك وقلبك وروحك للتعرف على ما تجهل، ادخل عالماً مجهولاً، المعرفة دليلك للرحمة والمحبة.. هذا ما شعرت به وأنا أستمع إلى رئيسة نادي الصم الأستاذة فائزة نتو وهي تعلمنا لغة الإشارة ، هذا العالم البعيد والصامت الذي لا نعرف عنه شيئاً، أو ربما لا نريد أن نعرف عنه شيئاً، فالإنسان حين لا يعرف، يحاول أن ينكر، أو يتحاشى، وبما أننا لا نعرف كيفية التواصل مع الأصم، فنحن نتجاهل وجوده. لكن فائزة نتو، لم ترض بهذا الخيار، على العكس، أقلقها وجود فتيات لا يعرفن كيف يمكن أن يخضن معركة الحياة بدون قدرة على الكلام والتواصل مع مجتمع لا يعترف بهن، ولأن مستوى التعليم في معهد الصم بجدة لا يوفر الحد الأدنى من التثقيف والتعليم المرضي ولا يخرج فتيات قادرات على الكتابة والقراءة بشكل سليم حتى بعد التخرج من الثانوية، وهذا حسب تأكيد أم لطالبة متخرجة من المعهد، فقد رأت فائزة نتو رئيسة النادي أن تحاول تقديم المساعدة لهذه الفئة من بناتنا بشتى الطرق منها تدريبهن لاكتساب مهارات مختلفة للانطلاق بهن إلى سوق العمل، ومنافحتها المستمرة ومحاولة توظيفهن وإقناع أرباب العمل بتوظيفهن، بالإضافة إلى المشاريع التي تعنى بتزويجهن وتقديمهن إلى المجتمع بصفة المرأة القادرة على مواجهة الحياة. الحماس الذي تتحدث به فائزة نتو والخدمات التي تقدمها تطوعا ترغمك على محاولة البحث عن طريقة لمساعدة الفتيات الصمات، وتبعث فيك الإعجاب بهذه الروح التي تأبى الاستسلام للمعوقات، فائزة التي تركت عشرين عاما من العمل كمعلمة خلفها، تقول إن كل يوم يمر عليها في هذا المجال هو يوم جديد يملأها حماسا وبهجة، وان على الإنسان أن يبحث عن السعادة في البذل والعطاء والتفتيش عن كل ما يكسر الجمود الذي يغلف حياته.. دورة لغة الإشارة التي حضرتها الأسبوع الماضي تعلمت فيها أكثر من لغة الإشارة، تعلمت فيها أن الإنسان يستطيع أن يبدأ مشوارا جديدا لو بعد عشرين عاما.. بقي أن نسأل عن التعليم الذي تتلقاه الفتيات في معهد الأمل والذي يخرج فتيات لا يستطعن الكتابة والقراءة، والذي لا يخضع لأي معايير، وعن المعلمات اللاتي لم يتلقين أي تعليم أو تدريب يؤهلهن للعمل في تعليم الصم والبكم، والمعلمات اللاتي تدربن على حسابهن الخاص مدة سنة كاملة في جامعة معروفة بمستواها الرفيع، ثم رفضت الشهادة لأنها غير معترف بها في وزارة التربية والتعليم؟؟ هؤلاء هن المعلمات اللاتي ظللن أعواما طويلة يدرسن الصم بدون معرفة أو تدريب، لكن تم رفضهن بعد أن حصلن على التدريب بحجة عدم الاعتراف بالشهادة اللاتي حصلن عليها.. هذا المقال تحية لرئيسة نادي الصم ولولاء الزهرة التي تعرفنا عليها في الدورة وأم ولاء المناضلة من أجل ابنتها وللدكتورة أحلام نتو منسقة الدورة.