إنّ حادثة الفقيدة "فاطمة الصعب" رحمها الله وأسكنها الجنة، وألهم ذويها الصبر على فقدها، لازالت تثير الكثير من الاسئلة التي لاتجد جواباً ، وهي كحوادث كثيرة تنشر عنها الصحف حين وقوعها، وتثار حولها الاسئلة، ثم تتوارى بعد أيام فلا نعود نسمع عنها شيئاً، ولو أن الحدث توبع بجدية تامة حتى حقيقة أسبابه وعولجت الأخطاء المسببة له إن وجدت، وأعلن عن ذلك صراحة وبشفافية، بما في ذلك محاسبة كل من أدى بإهماله لوقوع الحدث والحادث، فإن مثل هذا يحد ولاشك من الحوادث المؤسفة التي اصبحت اليوم تتكرر، ولكنا قوم استحكمت فينا عادة التكتم على كل خبر وحدث ، والحجج لذلك تتنوع. فالمسؤول يتكتم حتى لا تنكشف اخطاء إدارته ، ولدى الناس في مجتمعنا لامبالاة فهم لايهتمون بالحدث حتى وهم في موقعه ، ولايتطوع أحد منهم لتسجيل مرئياته عن الحدث لدى المحققين إن وجدوا، أو حتى يدلي بتصريح عما رآه للصحافة وهو مسؤول عن كل كلمة فيه ، وتضيع الحقائق لعدم اهتمام الجميع، وهي التي يمكن أن تبنى عليها الخطط لتلافي أحداث مثل الحدث الذي رأى الناس أو سمعوا عنه. وهكذا ستمضي الايام متلاحقة وتتوارى حادثة فاطمة كحوادث أخرى مثلها وقعت من قبل، ولن نعرف سبب غرقها، وهل هناك اهمال من قبل من انيط بهم مراقبة الشاطئ، وانقاذ الغرقى أم لا؟ كما أن الحديث عن منقذة فتاة لم يسمح لها بالنزول إلى البحر كاد ان يصبح حديث خرافة، فلن نعرف الحقيقة، كما أن المجاري التي تصب في البحر في ذلك الموقع والمواقع الأخرى واندفاعها وخلقها لدومات بحرية خفية، هل هي المسؤولة عن الحادث، وهل ستعرف الحقيقة، هذا ما لايستطيع أحد منا أن يجزم به، رغم خطورة مثل هذا وما يصنعه من تلوث للبيئة البحرية، والذي بلغ أقصى مداه. إننا نحتاج الى ثقافة تزرع في عقولنا الحذر من الخطر، وتبعث في نفوسنا التعاون على تلافيه ، وتوجد فينا شدة الانتباه حين وقوع الأحداث، وتجعلنا لانسكت عن الخطأ إذا وقع ونتعاون على كشفه ، حتى تنال مَنْ فعله العقوبة الملائمة حتى لايكرره ، خاصة إذا كان ينتج عنه إزهاق أرواح، فمن لايهتم لشأن المسلمين ليس منهم ، فنحن في أمس الحاجة إلى ثقافة الاهتمام التي تجعلنا مجتمعاً يعنى كل فرد فيه بما يجري فيه، ويشارك برأيه وعمله ، فهذا اللون من عدم المبالاة يجعل مجتمعنا فريداً في خصوصيته، التي اصبح الكثيرون منا يكرهونها، ولايحبها، لأنها عنوان اختلافنا السلبي عن كل شعوب العالم، فهل نتدارك هذا .. هو ما أرجوه والله ولي التوفيق. ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس: 6407043