المهن اليدوية بمختلف أنواعها مدخل رزق شريف ، وكان الأجداد والآباء يتخذونها سبيلاً لذلك ، فقد كان الخباز والعياش والفران والتمار والقصاب واللبان والحلواني والخضري والبناء والمنقل والنجار والصحاف والسباك والحداد والعطار والقماش والخياط والمزين والسبحي والصائغ والساعاتي والسقا والقفاص والنحاس والخراز والسمكري والمؤذن والسنان والعساس .. وغير ذلك من المهن يقوم بها أبناء الوطن ، لذلك لم يكن هناك عاطل لا عمل له يتكسب منه الرزق ، وقد كانوا يفتخرون بمهنم ويعتزون بذكرها بين أهلهم ومجتمعهم ، وقد كانت المهن اليدوية ذات مكانة مرموقة في المجتمع ، وبقى الحال كذلك حتى نهاية التسعينات الهجرية ، ومع مطلع القرن الجديد بدأت العمالة الوافدة تغزو البلاد وتسحب تلك المهن من أيادي أهلها وتقوم بالعمل بدلاً منهم ورويداً رويدا أصبحت هي المسيطرة على كل شيء ، وفقد ابن البلد هويته ، وأصبح اسماً لمحل ، وذكريات لماضٍ قديم يفتخر به أمام أصحاب العقول السليمة ، ويعود عزوف الشباب عن ممارسة هذه المهن غياب الحوافز المادية ، وعدم احترام العامل في هذه المهن من قبل المحيط الذي يعيش فيه ، والتأثر بموقع العائلة في المجتمع ، والصورة التي تناقلتها وسائل الإعلام المقروءة لمعالي وزير العمل والعمال وهو يبيع الزيتون والجبن بأحد منافذ البيع تعتبر دعوة مباشرة من معاليه يرسلها لشباب الوطن بأمل أن يعيدوا مجد أجدادهم وآبائهم ، ويمارسوا المهن اليدوية التي تعينهم على السير في دروب الحياة ، وهي بادرة إيجابية من معالي الوزير تهدف لعدة أهداف من ضمنها تضافر الجهود لتغيير الاتجاه الاجتماعي نحو هذه المهن وتحرير عقول الناس من الرواسب والشوائب المتعلقة بها ، وللقضاء على هذه الظاهرة يتوجب القيام بحركة توعية واسعة وشاملة ، توجه بصفة خاصة نحو الشباب لبيان أهمية الأعمال اليدوية والحرف الماهرة وغير الماهرة ، وأنها لا تقل قدراً ولا شرفاً عن الأعمال الذهنية ، وشريعتنا الإسلامية تحث على العمل والجد والاجتهاد والأكل من كد اليد ، وبذلك يكون لرجال الوعظ والإرشاد دور مهم في تنوير عقول الشباب ودعوتهم لمزاولة المهن اليدوية ، ويشاركهم في ذلك الكتاب والمفكرون والجهات التعليمية من خلال تدريس مادة تعنى بهذا المجال باسم السلوك المهني ، ولوسائل الإعلام بمختلف قنواتها دور هام في تثقيف الشباب تجاه هذه المهن من خلال بث المواد الإعلامية التي توضح المردود الإيجابي لها ، وكيف كان القدماء يمارسونها بكل فخر واعتزاز . فهل من عمل ملموس على أرض الواقع من قبل الجهات المعنية يعيد هذه المهن لأيادي أبناء الوطن ؟ من أقوال الدكتور غازي القصيبي : إن شبابنا وأبناءنا الذين يعملون في المهن الحرفية والصناعية واليدوية هم رجال المستقبل ، وهم أصحاب المهن الرفيعة والشريفة ، ولا يوجد في مقياسي فرق بين عامل يبيع الخضار وبين رئيس مجلس الإدارة . همسة : صنعة في اليد أمان من الفقر . ومن أصدق من الله قيلاً { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ } . ناسوخ 0500500313