- عبد العزيز المنيع - شدد الدكتور سلمان بن فهد العودة الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين على ضرورة وضع حد لمأساة السوريين عن طريق تكثيف دعمهم المالي و من خلال المبادرات الشعبية والحكومية لهم وقال- خلال حملة "أموالنا فداؤكم لدعم الشعب السوري" على قناة الرسالة-: إنَّ هناك حملات قامت بها حكومات في عدة بلدان من بينها دول الخليج، جمعت خلالها مئات الملايين وأكَّد أنَّ البذل والعطاء بالنسبة للسوريين خرج عن طور التحفيز والأمر إلى الوجوب؛ كما نرَى ونسمع من معاناتهم سواء في مقاطع اليوتيوب والقنوات الفضائية أو التقارير اللحظية، كما دعا السوريين إلى الصبر والرباط، وذكرهم بقوله الحق تبارك وتعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. كما وجَّه فضيلته رسالة للمقاتلين شدد خلالها على ضرورة "التسامي والصدق والإخلاص ووحدة الكلمة وصفاء النية والتضرع إلى الله والتعلق به، وأن يكون أملهم في الله وحده دون سواه، وأن يقطعوا أملهم من الغرب والشرق وأمريكا وأوربا وغيرها". وقال: "نحن سمعنا كلاما طويلا عريضا عن إدانة ما يحدث في سوريا وعن أن هناك جرائم مروعة بحق الإنسانية، وقاموسا طويلا من العبارات الإعلامية؛ لكن تبيَّن لنا أن الغرب غير جاد أبدا في الوقوف مع المدنيين والأطفال والنساء والشيوخ في سوريا ورفع المعاناة عنهم؛ مراعاة لمصالح إسرائيل الأمنية أو مصالحه المستقبلية في المنطقة"، وأكد أن التدبير بيد الله والنصر من عنده وحده سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}. ودعا فضيلته إلى تكثيف الدعم والبذل والعطاء، وأوضح أنَّ الأمر لا يقتصر على التجار والأثرياء فقط؛ لكنه يشمل حتى البسطاء من الناس، الذين ينبغي عليهم البذل والعطاء ولو بأقل القليل، وأشار إلى أن المواطن السوري يدفع اليوم حياته ثمنًا لكسرة خبز؛ لأن هناك أكثر من 25 مخبزًا تم استهدافها بالقصف وأصبحت أهدافًا عسكرية في نظر هذا النظام الفاسد. وأشار إلى أنَّ "الكرفانات" أو البيوت الجاهزة التي بدأ العمل بها كبديل عن الخيام تبلغ تكلفة الغرفة الواحدة منها نحو 2500 دولار، مذكرا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: « مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ ». وأوضح أنَّ السنة الحسنة تعني: المبادرة؛ لأنَّ كثيرًا من الناس لديهم النية إلا أنهم مترددون ويحتاجون من يفتح أمامهم الباب، لذلك جاء قول الحق سبحانه وتعالى: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}. وقال: "إبداء الصدقة أحيانًا يكون خيرًا من إخفائها إذا كان في إبدائها حفز للناس على المحاكاة، خاصة وأننا نخاطب شعوبا لديها قدر كبير جدا من الإحساس بالانتماء لهذا الجسد الواحد الذي تتحد فيه القلوب والأرواح، رغم تفرق خارطته وألوان أعلامه". وأشار إلى أن "الصدقة شفاء للأمراض وهو ما جاء فيه أثر مرفوع"، ولفت كذلك إلى القيمة الروحانية الأخلاقية العالية للبذل والعطاء، حتى ولو بكلمة طيبة، أو ابتسامة صادقة. كما أشار إلى مبادرة "يومان لسوريا"، والتي تهدف لتخصيص يومين من الراتب لسوريا، ودعا إلى توسيعها وتعميمها قدر المستطاع، وقال: إنَّ الصحابة لما سمعوا قول الله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}، جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم بهذه الروح العالية: "يا رسول الله، الله يستقرضنا؟! وهم يعرفون أنه غني، ولكنه يطلب منهم الإنفاق كعلامة على الإيمان. وقال: إنَّ البذل والإنفاق والصدقة كفارة من الذنوب، وأشار إلى أنَّ كل إنسان خطَّاء وربما ارتكب المرءُ معصية أو ذنبا في الشباب أو المراهقة أو في سفر أو حتى تقصير في حق الوالدين أو الزوجة والأولاد وحق النفس أو حق الله؛ وبالتالي فإن الإنفاق والبذل كفارة وسبب لمغفرة الذنوب وستر العيوب وإعانة العبد على أن يتوب". وقال: "أدعو كل خطَّاء إلى أن يحاول أن يُكفِّر عن خطأه بصدقة يقدمها بين يدي ربه عز وجل لإخوانه في سوريا". ووجه د. العودة كلمة لأهالي شهداء، وأشار إلى أن الشهداء هم أفضل الطبقات، ويكفي أن الله تعالى اختارهم، فالشهادة اختيار وانتخاب وانتقاء". وقال: "كثير من الأحياء في حكم الأموات لأنهم لا يتعاطون مع الحياة بإيجابية ولا يشعرون بقيمة الحياة أو بآلام الآخرين، وفرقٌ بين من يموت وهو مقبل: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}، والبسمة على شفتيه، ولا يجد من ألم الموت إلا كما يجد الإنسان من ألم القرصة، وبين آخر يموت كل يوم بالخوف والرعب والجبن والطمع والحرمان"، وهنأ أهالي وأسر الشهداء الذين يسقون شجرة الحياة والحرية والإيمان بدمائهم الذكية. وأشار إلى أن من كرامة هؤلاء الشهداء أنهم "ذهبوا وتركوا القتال على الدنيا وعلى المناصب والمغانم والخلاف على المواقع، وأشار بذلك إلى أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كحمزة بن عبد المطلب أو مصعب بن عمير أو غيرهم من السابقين الأولين الذين رحلوا قبل الفتح يحظون بقدر رائع وعظيم من المثالية، كذلك إخواننا الذين يُستشهدون كل يوم في سوريا أو من الذين استشهدوا في ليبيا أو في تونس أو في مصر". وأوضح أن "من بقي بعد ذلك من الناس قد يعتزل العمل السياسي بعيدا عن الصخب ؛ وهذا معنى رائع وجميل ؛ وهناك من يحاول أن يُمسك بالزمام ويواصل المسيرة بإخلاص، إلا أنَّ آخرين قد يختلفون ويتنافسون على المناصب أو حتى بعض المواقف الحياتية الدنيوية" ، وأضاف: "ما أجمل أن يرحل الإنسان نقي الجيب طاهر العرض له هذا الوهج وهذه الجمالية وهذه الروح والإشراق!".