وسط مشاركة عالية، اقترع الناخبون الكويتيون أمس لاختيار مجلس جديد للأمة في جو من الاستقطاب الحاد والقلق، بعد حملة انتخابية هيمن عليها موضوعا الإصلاح ومحاربة الفساد، فيما تشير التوقعات إلى توجه المعارضة بقيادة الإسلاميين إلى تحقيق فوز كبير. وتوافد آلاف الناخبين والناخبات إلى مراكز الاقتراع المائة ضمن الدوائر الانتخابية الخمس في الكويت، وتصاعدت وتيرة الإقبال بشكل كبير في فترة المساء، من أجل اختيار الأعضاء الخمسين في البرلمان الأعرق في منطقة الخليج والذي يتمتع بصلاحيات تشريعية ورقابية. وأغلقت أبواب مراكز الاقتراع في تمام الساعة الثامنة مساء (الخامسة بتوقيت غرينتش)، على أن يتمكن من كان داخل المركز من الاقتراع بعد ذلك. وأشارت تقديرات غير رسمية إلى أن نسبة الاقتراع وصلت إلى نحو 60 في المائة قبل ساعة من إغلاق المراكز. وفي ضاحية صباح السالم (20 كم جنوب الكويت)، التي تعد من مراكز الثقل للمواطنين القبليين، على بعد عشرين كيلومترا جنوب مدينة الكويت، تجمع آلاف الناخبين في جو من التجييش الواضح، وذلك بعد أن تصاعد غضب القبائل بشكل كبير في الأيام الأخيرة. وبلغ عدد المقترعين 106 آلاف و735 مقترعا من أصل 400 ألف و296 ناخبا وناخبة في الدوائر الانتخابية الخمس. ونقلت وسائل الإعلام الكويتية وجود بلاغات ضد أربعة نواب وجهت لهم تهم بشراء أصوات الناخبين، كما نقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء تفاؤله بعلاقة إيجابية ستسود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية عقب انتخابات مجلس الأمة 2012، لما فيه مصلحة الكويت وتطورها. بدوره، قال المستشار أحمد العجيل، رئيس اللجنة الاستشارية المشرفة على انتخابات مجلس الأمة 2012 وكيل محكمة التمييز، إن العملية الانتخابية في جميع مقار التصويت في البلاد تسير بشكل صحيح من دون أي مشاكل تذكر، وإن إجراءاتها «سليمة». وأضاف المستشار العجيل أن الاقتراع بدأ في جميع اللجان الانتخابية في الداوائر الانتخابية الخمس في تمام الساعة الثامنة صباحا، ولم يكن هناك تأخير في بدء العملية في أي من اللجان. وأشار إلى أن الفترة الصباحية شهدت إقبالا نسبيا، لا سيما من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، متوقعا أن تشهد الفترة المسائية الإقبال الأكبر. الجدير ذكره أن عدد القضاة الذين يشرفون على انتخابات مجلس الأمة في هذه الدورة الانتخابية بلغ 782، خمسة منهم في اللجان الرئيسية و548 في الأصلية والفرعية، فيما بلغ عدد الاحتياط 229 موزعين على خمس دوائر انتخابية تتولى إدارة الانتخاب في كل منها لجنة رئيسية وعدة لجان فرعية. وسجل اليوم الانتخابي طغيان مظاهر التفاعل والحماس في بعض مراكز الاقتراع النسائية بشكل لافت أكثر من المراكز الرجالية التي اتسمت بالهدوء سواء داخل المراكز أو المنطقة المحيطة بها أثناء الفترة الصباحية. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) وجود نشاط لافت في مراكز الاقتراع النسائية، حيث علت أصوات مناصرات المرشحين وزاد التنافس بينهن في استخدام الهتافات المتبادلة والأهازيج خارج مراكز الاقتراع لإظهار قوة المرشح ووجوده على الساحة الانتخابية. كما استغلت مناصرات المرشحين والمرشحات في مراكز الاقتراع النسائية الساحات المطلة على المراكز لتوزيع المياه والعصائر وغيرها من المشروبات والمأكولات الخفيفة على الناخبات، وطلب التصويت للمرشحين دون تردد، بصورة تعكس حدة التنافس بين الفتيات المتحمسات لمرشحيهن. وتتجمع أغلب الفتيات من مناصرات المرشحين أمام بوابات مراكز الاقتراع مسببات ازدحاما أمام دخول الناخبات، إلا أن ذلك لم يمنعهن عن التدافع والتحدث مع بعض الناخبات لإقناعهن بالتصويت لمرشحيهن. ومن مظاهر التفاعل النسائي وجود بعضهن داخل سيارات (غولف كار) لتقديم خدمة التوصيل للناخبات الكبيرات في السن من مواقف السيارات إلى بوابات المقار الانتخابية. وطغى المشهد الخدماتي والتفاعلي للفتيات في التنافس الشديد بينهن لجذب الناخبات للتصويت لمرشحيهن، واستهدف ذلك الناخبات بشكل عام خصوصا الكبيرات في السن وذوي الاحتياجات الخاصة والحوامل، عبر نقلهن من أماكن سياراتهن إلى المراكز، إذ إنه لا يسمح للسيارات بالركون في المواقف الخاصة بالمدارس التي يجري فيها الاقتراع. وطغت بشكل عام على المقار الانتخابية حالة من الحماس بين مناصري المرشحين، إلا أنها لم تصل إلى حدود الشد والتوتر والعصبية، لأن أغلب الناخبات يذهبن للتصويت لمرشح معين، والمجال مفتوح لاختيار أربعة مرشحين، لذلك يستغل مناصري المرشحين هذه الفرصة لكي تصوت الناخبة لمرشح آخر عبر التأثير عليها بالمعاملة الخاصة وتقديم الخدمات في محيط مقر الاقتراع. وظهرت الفرق النسائية المناصرة للمرشحين وهن يرتدين قمصانا ذات ألوان موحدة مع حمل صورة المرشح المعين ليسهل على الناخبات التمييز بينهن عند المرور في الساحات المطلة على مراكز الاقتراع، مع وضع طاولات لرصد وتسجيل أسماء الناخبات وتقديم التوجيهات اللازمة لهن، حيث تشرف عليها سيدات بوجوه باسمة هن المفاتيح الانتخابية للمرشحين. وفي وسط هذا التنازع على أصوات المرشحين، حذر الدكتور خالد القحص، أستاذ الإعلام بجامعة الكويت، الناخبين من استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما «تويتر» مع الساعات الأخيرة من الاقتراع لانتخابات الأمة 2012، بما يؤثر على الناخبين سلبا ويشكك في قناعاتهم حيال بعض المرشحين. وقال إن الحسابات على «تويتر» تعد أرضا خصبة لبث الإشاعات والأقاويل لأي غرض كان، وضرب أحد المرشحين ربما بأي صورة أو أي شكل كان، إذ يكفي أن يكتب صاحب حساب ما يوم الانتخابات مثلا أن المرشح يوصي جماعته بالتصويت لمصلحة المرشح فيصدق ذلك بعض المغردين.