كلمات قليلة ، وقد تكون لمسات يد حانية ، او نظرة عين محبة لكن مفعولها عظيمٌ جداً وكأنها ذرات خفية تتسلل الى قلوبنا فتسد الفجوات وتشد القلب وتبث فيه الأمل واليقين الصادق والعزيمة وتحيا به الروح ، كل هذه وتاثيرها العظيم هي لا تساوي شيئًا أمام جبر الجبار سبحانه لنا ، فإن من اسماء الله الحسنى اسم الجبار ( جل جلاله ) . ▪️ومعناه في حق الله تعالى: يقول الإمام الطبري رحمه الله: "الجبار يعني المصلح أمور خلقه، المُصَرِّفهم فيما فيه صلاحهم" يقول الخطابي: "الجبار هو الذي جبر الخلق على ما أراد من أمره ونهيه، ويقال هو الذي جبر مفاقر الخلق، وكفاهم أسباب المعاش والرزق". ومن معاني اسم الجبار ، جبر الرحمه بعباده بشتى أنواع الجبر ، فمن جبر رحمته أن يجبر الضعيف بالقوة المناسبة له ، وكذلك جبر المريض بالعافية ولو بعد حين ، وجبر المؤمن بسلامته من الفتن وطمأنينة قلبه وقت الفزع والخوف والمصائب صغيرها قبل كبيرها ، ومن جبره الخفي جبر القلب وثباته وقوته وعظيم توكله على ربه سبحانه فيفيض جل جلاله على القلب المنكسر بالفرج ويغيثه بوابل الرضا والطمأنينة وبرد اليقين وعظيم الاجور في الدارين والعاقبة الحميدة إن صبر وأحتسب ورضي وسلم لربه تعالى . قال ابن القيم في النونية في معنى الجبار: وكذلك الجبار من أوصافه والجبر في أوصافه قسمان جبر الضعيف وكل قلب قد غدا ذا كسرة فالجبر منه دان ولو اطلقنا البصر والتفكر في اثار جبره سبحانه لنا في ادق تفاصلينا لعجزنا عن حصر عددها ! وعن شكرها حتى ! فكم جُبرنا في مواقف لم يعلم بحالنا الا ربنا جل في علاه ، وكم اتخذنا عن أحبتنا مكاناً قصيًا لنحافظ على بقايا أنفسنا وقوتنا فتذلل القلب لخالقه سبحانه ولاذ به فجاءته البشرى وخفايا الجبر وأصبح كمن يرتوي من معين صافي زلال فتعود له الحياة وتدب في روحه وعروقه ويشع وجهه نوراً وبهاءاً فيكون لمن حوله آية تعرفهم من هو ربه وخالقه ومولاه ، تعرفهم من ركنه الشديد ، وقوته المتينة ، تعرفهم ان وجهته الصحيحة هي لربه سبحانه فإن عرفها ! وتعلق بحبله الوثيق فلأ يسأل عن جبر ربه جل وعلا ولا حتى يتخيله ولا يفكر في ماهيته لان يقينه ان جبره عظيمٌ جداً وأن عوضه سبحانه آت لا محاله ، فهو كالغيث إن هطل ارتوت الأرض واعشبت . هذه بعض آثار جبره جل في علاه ، فما أروع من اتخذ تجارته الخفية مع ربه أن يكون لمن حوله ساعيًا لجبر خواطرهم وضعفهم حتى ولو بكلماته وكان فطناً لمشاعرهم وتغير ملامحهم فكان جابرًا لهم . هنيئا ثم هنيئًا لمن كان هذا ديدنه ، وتاجر ولو بحروفه فقط لعلها ان تصل لقلب اخفى كسره ووهنت روحه وكاد أن يهلك ، فساق الله له من يجبره ويعيد له الحياة من جديد .. اللهم جبراً لكل قلب لا يعلم كسره الا انت. ▪️ختامًا : متى ما تعلق القلب بالجبار جل وعلا عندها فقط ستجبر الكسور ولو عظمت ! ، وستمحى الذنوب ، وسيُشد القلب ويقوى ثم عندها لا تسأل عن حاله وعن نعيمه الدنيوي ( وما عند الله خيرٌ وأبقى ) اللهم خفايا جبرك وواسع رحمتك.