شامخ كالطود في ادبنا العربي .... شموخ كبريائه وهو يعانق عنان السماء ..احبه العرب وتغنوا به في شعرهم وذكروه في مغازيهم وايامهم..كان سمفونية يعرفها صمت الصحاري لحنا شجيا تطرب له القلوب الضماى ويشدو بها العاشعون اذا مروا من حي الى حي... فالجبل يردد صداه نشيج الحزن الذي صحبنا ردحا من الزمن ..يحفظ عهودنا وياوي اسرارنا ويحمي ابطالنا ويصنع نصرنا ... الجبل هو رفيقنا عبر الزمن الطويل وللشعر قصة جميلة معه فقد كان يحلو للشعراء ذكر اسماء الجبال وبقيت محفوظة في ذاكرتهم يقول امرؤ القيس في الجبل: ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَهُ عَلَيَّ بِأَنْوَاعِ الهُمُوْمِ لِيَبْتَلِي فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ وأَرْدَفَ أَعْجَازاً وَنَاءَ بِكَلْكَلِ ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِي بِصُبْحٍ، وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَلِ فَيَا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَهُ بكل مُغار الفتل شُدّت بيذبل ِ وَقَدْ أغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَا بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ هَيْكَلِ مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً كَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ فجبل يذبل بقي شامخا اخي المستمع- تحفظ انفته معلقة امريء القيس.... وفي لحظات وهج الاشتياق بصب متيم عاشق يطلق زفراته التي تعتمل في صدره ويذكر الاطلال والجبال والمضارب التي سكنها شاعر اخر وعاوده الحنين اليها يقول الشاعر بَانَ الخَليطُ، وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَانَا، و قطعوا منْ حبالِ الوصلِ أقرانا حَيِّ المَنَازِلَ إذْ لا نَبْتَغي بَدَلاً بِالدارِ داراً، وَلا الجِيرَانِ جِيرَانَا يا حبذا جبلُ الريانِ منْ جبلٍ وَحَبّذا ساكِنُ الرّيّانِ مَنْ كَانَا وَحَبّذا نَفَحَاتٌ مِنْ يَمَانِية ٍ تأتيكَ من قبلَ الريانِ أحيانا فجبل الريان-اخي المستمع- يذكره بمراتع الصبا وايام الطفولة حيث يخبئ له اسرار الهوى التي طمرها في تلك المرابع وهذا النموذج الحي في ادبنا العربي عن الجبل وجدت له مثيلا في ادبنا الشعبي الاصيل ورصدت ذلك عند فحل من فحوله .... انه الشاعر الكبير الشيخ السماتي الذي رسم همومه ولخص تضاريس حياته وتعبه اليومي في رائعته (أتحول ياكاف كردادة ورحل) كان الجبل مرافقا للسماتي في رحلته ذكره بالمكان وبالديار وبمن سكنوا الديارلذلك اقترب المعنى بين ادبنا الفصيح والشعبي اقترابا كبيرافي الصورة الشعرية والمعاناة الانسانية... محمد لباشرية