لقد اصطفى الله عز وجل اللغة العربية من بين جميع اللغات ؛ لتكون لغةً لكتابه الكريم ( إنا أنزلناه قرءناً عربياً لعلكم تعقلون ) فأصبحت لغة العلم والدين والعبادة ، فحرص جميع المسلمين على تعلمها باختلاف أجناسهم وألوانهم ، وللغة العربية تأثير كبير في ترسيخ الولاء ؛ وتقوية الروابط والصلات بين المسلمين ، وقد حث أهل العلم منذ القدم على تعلم اللغة العربية وتعليمها ، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – يقول في كتابة ( اقتضاء الصراط المستقيم ) ( 1 /470) إن اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب ، فإن فهم الكتاب والسنة فرض ، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ؛ ثم منها ماهو واجب على الأعيان ، ومنها ماهو واجب على الكفاية ) . فلا يمكن لأي أمة أو حضارة بحال من الأحوال أن تتقدم في معارج النهضة وسلم الرقي إلا بوسيلة لغتها . وعليه فإن الاعتزاز باللغة العربية وتعلمها والحرص على تدريسها لغير الناطقين بها واجب شرعي ومطلب حضاري : لغة إذا وقعت على أسماعنا كانت لنا برداً على الأكباد ستظل رابطة تؤلف بيننا فهي الرجاء لناطق بالضاد ويحمد لجامعة أم القرى بمكة المكرمة حرصها الدؤوب على الإهتمام بلغة الضاد من خلال إنشاءها معهداً لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ، مر على تأسيسه قرابة أربعة وثلاثين عاماً ، قدم من خلالها رؤى علمية لتعليم اللغة العربية وقام بأنشطة معرفية مختلفة ؛ من آخرها فعاليات ( الملتقى الأول لرؤساء أقسام اللغة العربية في الجامعات الإفريقية ) والمنعقد برحاب الجامعة بأم القرى خلال الفترة من 10 إلى 19 ربيع الثاني لعام 1433ه وبرعاية كريمة من معالي الدكتور خالد بن محمد العنقري وزير التعليم العالي ، ويهدف هذا الملتقى لخدمة اللغة العربية والثقافة الإسلامية ، وتطوير أقسام اللغة العربية في الجامعات الإفريقية ، وإطلاع رؤساء أقسام اللغة العربية في الجامعات الأفريقية على تجربة جامعات المملكة بعامة وجامعة أم القرى بخاصة في مجال تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ، وتوفير فرص الالتقاء وتبادل الخبرات والتجارب ؛ وقد إشتمل هذا الملتقى على العديد من تجارب الجامعات السعودية والإفريقية في مجال تعليم اللغة العربية وكذلك تجارب بعض المراكز والمؤسسات العلمية والمعرفية ، كمركز الملك عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية ، والندوة العالمية للشباب الإسلامي ، ومؤسسة العربية للجميع ، والبنك الإسلامي للتنمية ، وعقد الملتقى عددا من الندوات العلمية وورش عمل خلال برنامجه العلمي من أبرزها : - " ندوة أثر الاستعمار في تغريب اللسان الإفريقي " ويديرها فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام ، ويشارك فيها كل من أ.د/ عبد المجيد الطيب ، أ.د/ حسن مكي ، وفضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو . - " ندوة العربية مكون أصيل من مكونات الحضارة والثقافة في أفريقيا " يديرها الدكتور/ محمد حماد القرشي ، ويشارك فيها كلاً من أ.د/يوسف الخليفة أبوبكر ، أ.د/ عبد الرحيم بن علي محمد ، والدكتور/ عز الدين بن وظيف علي . - " ورشة عمل بعنوان اللغة العربية والجامعات الإفريقية الواقع والمشكلات الحلول والنظرة المستقبلية " يديرها الدكتور/ حسن بخاري . وقد أحتوى البرنامج الثقافي للملتقى على عددٍ من الدورات والزيارات الخاصة وكان من أبرزها : - دورة بناء وتطوير مناهج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها . للدكتور/ عبد الرحمن الفوزان . - دورة وسائل وتقنيات تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها . للدكتور/ عبد العزيز بن ردة الطلحي . - دورة التقويم والاختبارات في برامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها للدكتور/ محمد عبد الخالق . - دورة رفع كفاءة رؤساء أقسام اللغة العربية لغير الناطقين بها . للدكتور/ عادل بن احمد باناعمة . بالإضافة لبرنامج الزيارات والذي يشمل مرافق الجامعة ، ورابطة العالم الإسلامي ، ومتحف الحرمين وزيارة طيبة الطيبة . وقد وجهت الدعوة من خارج المملكة لعدد من وزارات التعليم العالي ومدراء الجامعات ورؤساء أقسام كليات اللغة العربية ومعاهدها . ويمثل هذا الملتقى إضافة حقيقة ولمسة علمية ومعرفية في مسيرة معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ، ولبنة في طريق التطوير والبناء للنهوض بتعليم اللغة العربية لتواكب عصر الثورة العلمية على المستوى المحلي والدولي . وأختم بشكري لمعالي وزير التعليم العالي الدكتور/ خالد العنقري لرعايته لهذا الملتقى ، ولمدير الجامعة معالي الدكتور/ بكري عساس ، وللأمين العالم للندوة العالمية للشباب الإسلامي الدكتور/ صالح الوهيبي ، ولعميد المعهد الدكتور/ عادل باناعمة ، ولجميع القائمين على نجاح هذا الملتقى . حرر في مساء يوم الأحد11ربيع الآخر 1433ه بقلم/خالد بن محمد الأنصاري عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية وعضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية